كرامة العامل ولؤم التعويض

 عبد الرحمن جد أمو

أحيانا تصادفني لحظات ناطقة بتفاني أحد العمال البسطاء في عمله المتعب، وأود لو أعرته ذهني لأعيش معه حالته النفسية وهو يقاسي لأواء التعب ومجهود البذل ليؤدي دوره، لكن ما ألبث أن أتذكر أن حاله يغني عن سؤاله وأن ما يحصل عليه من تعويض قليل لا يرقى بالتأكيد لتعويض الأضرار التي تلاقي العامل جراء ما يبذل من جهود بدنية مضنية.
ويبقى مرد كل هذا التناقض الصارخ هو ما يشيع في سوق العمل وما يتبادله أرباب العمل من سقف متدن للتعويض لا يكاد يرقى إلى مستوى من هم أهم أدوارا وبدونهم لا يمكن نجاح العمل، تصوروا معي مؤسسة تعيش دون عمال نظافة مثلا كيف سيكون حالها.
ولا شك أن التراتبية الصارخة بين الرواتب والتعويضات في مجال العمل من أكثر مظاهر الظلم وعدم العدالة، ولا يمكن أن تستمر إلا في مجتمع كمجتمعنا الذي لا تسوده قوانين ولا معايير مهنية مقنعة، ولكن توالي الأيام كفيل بخلق مزيد من الوعي باتجاه الدفع نحو توازن أكثر عدالة لإنصاف من يوصفون بالعمال البسطاء استهانة وتبخيسا.
وكل عزاء هؤلاء العمال أن كرامتهم باقية وأن أكثر حقوقهم باقية في ذمة مشغليهم، ومما يفاقم الوضع غياب الروح النقابية والتضامن بين العمال نتيجة عدم وجود مرجعية احتجاجية ذات شأن تمنح شريحة العمال هذه نفسا لطرح مطالبهم بشكل أكثر إقناعا لرب العمل.
ومع دخول البلاد مرحلة جديدة من محاولة تطبيق المعايير سيكون رفع الحد الأدنى للأجور إجراء مهما له خصوصيته ومحوريته في هذا الشأن، إذ تواصل تكاليف الحياة رحلتها التصاعدية دون أن تواكبها التشريعات ونظم العمل.
ومهما يكن فإن الأولى هو إعادة الاعتبار لسواعد العمل ومن يقع عليهم عبؤه الأهم من خلال تعهدهم وتفهم مطالبهم ومد العدالة باتجاههم حتى تكون للعرق مردوديته ويكون للجهد ثمنه.

.....................

نقلا عن صفحة الكاتب 

ثلاثاء, 24/09/2019 - 14:00