على هامش الحديث عن التاريخ..!

Cheikh Nouh

ما زال البعض ممن لا علاقة لهم بالتاريخ، ولا بالتطورات الحاصلة في هذا العلم، ولا حتى العلوم الإنسانية حبيسي فكرة قديمة في قراءة التاريخ بوصفه أحداثا منقطعة عن بعضها أي لا يفرقون بين التأريخ والتاريخ (في سنة كذا حصل كذا) أو ينظرون إليه من زاوية تلك الفكرة الأقدم في الدراسات التاريخية وهي فكرة البطل أو المخلص أو الأسطورة، وكلها يوما كانت معتمدة كنظريات لدراسة التاريخ، إلا أنه ومن منطلق ماركسي مادي جدلي، فإن مثل هذه الأطروحات أصبحت متجاوزة أكاديميا على الأقل، ولم يعد المؤرخون يتقاتلون على منبع واحد، بل أصبح التاريخ عبارة عن صيرورة اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية وحتى أيكولوجية مناخية تنتج نمطا اجتماعيا معينا وتخلق أحداثا تاريخية متعددة الأسباب والقراءات وإن ظل العامل المادي الاقتصادي هو الرافد الأساسي فيها، وتظل العوامل مستمرة في تفاعلها، ما استمرت تناقصاتها الداخلية التي لا تتوقف.
بوصفي ٱحد ضحايا قسم التاريخ في جامعة نواكشوط، فإنني أقول وبالحرف الواحد، إنه ليس هناك تاريخ موريتاني مكتوب، بل كل ما هناك هو إرهاصات لحقبة معينة، وكتابات يهتم أصحابها بقبائلهم أو جهاتهم أو أسرهم تلميعا وتجميلا، مع استثناءات تعد على رؤوس الأصابع، وليست هناك بحوث أركيولوجية مهمة في التاريخ الموريتاني القديم، لأنه لا توجد لدينا مؤسسات ولا متخصصون في هذا المجال ينذرون وقتهم وجهدهم لهذا الجانب، وليس هناك وعي تاريخي لدى الجهات المتحكمة يجعل من هذا المبحث أولوية ويعطيه ما يكفي من تمويل ومن استقلالية وحرية وحياد.
التاريخ علم وليس وجهة نظر، أما الآراء السياسية والقبلية و العشائرية والأيديولوجية الضيقة فهي عكس كل هذا..
يمكن أن يظل الجدل السياسي سياسيا والجدل القبلي والجهوي والعشائر ي كذلك، لكنه لن يكون عطاء علميا ووثيقة تاريخية إلا لذاته.
دعوا لنا جانبا يركن إليه، فقد خربتم هذا الوطن المسكين وأفيَنتم هذا الشعب المقهور!
العلم لا ينتمي أبدا ..

اثنين, 21/10/2019 - 13:21