السفير الأمريكي يكتب عن دور بلاده في مواجهة "كورونا"

ميكل دودمان

إن قصة الدور الريادي الذي تلعبه الولايات المتحدة في الحرب العالمية على كوفيد-19؛ لها جذور تستمد أصولها من الحاضر ومن التاريخ.  فالمساعدات التقنية والمادية الأمريكية تصل يوميًا إلى المستشفيات والمختبرات في كل أرجاء المعمورة. وهذا الجهد يستمد قوته من السخاء غير المسبوق والمدعوم بالخبرة والتخطيط الأمريكيين. 

 

إن الولايات المتحدة تقدم المساعدات للآخرين لأسباب متعلقة بحب مساعدة الغير؛ لأننا نؤمن بأن هذا هو السلوك الصائب. كما أننا نقوم بذلك لأن الأوبئة لا تحترم الحدود. فإذا أمكننا مساعدة البلدان على احتواء حالات التفشي، سننقذ أرواحا خارج الولايات المتحدة وداخلها.

 

ذلك السخاء وذلك الطابع العملي يوضحان لماذا كانت الولايات المتحدة سبَّاقة في مساعدة الشعب الصيني بمجرد نشر تقارير أولية من ووهان تفيد بظهور حالات تفشي الوباء. لقد عرضت الولايات المتحدة في أوائل يناير تقديم الدعم التقني الفوري للمراكز الصينية لمكافحة الأمراض.

 

ففي الأسبوع الأول من فبراير نقلت الولايات المتحدة ما يقرب من 18 طنًا من الإمدادات الطبية إلى ووهان من خلال مؤسسة "سامريتان بيرس" و"كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة" وغيرهما، كما تعهدنا بتقديم مساعدات قيمتها 100 مليون دولار أمريكي إلى بلدان العالم لمكافحة الوباء في حالة انتشاره. تلى ذلك عرض لمساعدة الصين لكنها رفضته.

 

لقد تجاوزت تعهداتنا هذا الالتزام المبدئي. فمنذ بدء تفشي كوفيد-19 وإلى اليوم التزمت حكومة الولايات المتحدة بتقديم مساعدات تبلغ حوالي 500 مليون دولار أمريكي، بهدف التحسين من الوعي بالصحة العامة وحماية مرافق الرعاية الصحية وزيادة أعداد المختبرات وتعزيز رصد المرض بالإضافة إلى زيادة القدرة على التصدي السريع له في أكثر من 60 دولة، هي الأكثر عرضة للخطر في العالم، وذلك في إطار جهودنا الهادفة إلى المساعدة في احتواء حالات التفشي قبل وصولها لحدودنا.

 

إن مساعداتنا تستهدف بالدرجة الأولى أولئك الذين يعانون من أقسى الظروف. فمثلًا، تعمل حكومة الولايات المتحدة مع الجمعيات الأهلية لتقديم الأدوية والإمدادات الطبية والغذاء للشعب السوري بما في ذلك من يعيشون في المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام السوري، فنحن نساعد وكالات الأمم المتحدة والجمعيات الأهلية لبناء المزيد من مرافق المياه ومرافق الصرف الصحي والمرافق الصحية شمال سوريا للحيلولة دون انتشار الفيروس. كما نساعد دولًا صديقة أخرى خاصة في القارتين الإفريقية والآسيوية.

 

إن العديد من المنظمات الدولية لاحظت أهمية إسهامات الولايات المتحدة التي لم يسبق لها مثيل في مكافحة كوفيد-19 خاصة منها تلك التي تقع على خطوط المواجهة مع الوباء.

 

إن الولايات المتحدة هي الممول الأكبر لمنظمة الصحة العالمية منذ تأسيسها في عام 1948 حيث منحناها أكثر من 400 مليون دولار أمريكي في عام 2019، أي ما يقرب من ضعف إسهام الممول الثاني للمنظمة. كما أن هذا المبلغ يعتبر أكبر من مساهمات البلدان المساهمة الثلاثة الأولى مجتمعة.

 

نفس الحال يتكرر مع وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة التي دعمتها الولايات المتحدة بما يقرب من 1.7 مليار دولار أمريكي في عام 2019، أي أكثر من جميع الدول الأعضاء الأخرى مجتمعة وأكثر أربع مرات من مشاركة ثاني أكبر مساهم (ألمانيا).

 

لا يعتبر برنامج الأغذية العالمي ببعيد عن ذلك حيث منحته الولايات المتحدة 3.4 مليار دولار أمريكي في العام الماضي أي ما يعادل 42% من إجمالي ميزانيته، وهو ما يقارب أربعة أضعاف تمويل ثاني أكبر مساهم وأكثر من مسامات جميع الدول الأعضاء الأخرى مجتمعة، كما منحنا أيضًا أكثر من 700 مليون دولار أمريكي لصندوق الأمم المتحدة للطفولة مما يفوق المبلغ الوارد من أي متبرع آخر. 

 

إن ما يدعو للفخر هو عندما تُقَدِّم هذه المنظمات الدولية الغذاء والأدوية وغير ذلك من أنواع المساعدة في جميع أنحاء العالم، بفضل سخاء الشعب الأمريكي وفي ظل شراكته مع الدول المانحة.

إن بلدنا يفتخر بكونه هو أكبر مانح للمساعدات الصحية والإنسانية الهادفة إلى تطوير الشعوب على المدى الطويل وفي مجال بناء القدرات مع الشركاء، هذا إلى جانب جهودنا لمواجهة الحالات الطارئة والأزمات المتكررة. إن هذه الأموال الأمريكية أنقذت الأرواح،

وعملت على حماية الناس الأكثر عرضة للتأثر بالأمراض، كما مكنت من تشييد المؤسسات الصحية وعززت استقرار المجتمعات والأمم. 

إن الولايات المتحدة تمول ما يقرب من 40% من برامج المساعدات الصحية العالمية بالإضافة إلى تخصيصها لـ 140 مليار دولار أمريكي للاستثمارات خلال السنوات العشرين الماضية مما يفوق ثاني أكبر دولة مانحة بمقدار خمسة أضعاف، ومنذ عام 2009، ساهم سخاء دافعي الضرائب الأمريكيين في التمويل بأكثر من 100 مليار دولار أمريكي في المساعدات الصحية وما يقرب من 70 مليار دولار أمريكي على شكل مساعدات إنسانية لدول العالم.

 

أما هنا في موريتانيا فإن للولايات المتحدة تاريخا طويلا وشاملا من الشراكة في المجال الصحي مع هذا البلد الصديق. وفي هذا الإطارقمنا مؤخرا بتدريب 100 مهني صحي موريتاني، بما في ذلك أولئك الذين يديرون حاليًا مركز العزل Covid-19 والمشرفين على الفحوصات الطبية فيه، على فنيات المراقبة الوبائية والوقاية من العدوى ومكافحتها. لقد عملنا أيضًا بشكل وثيق مع وزارة الصحة على كيفية تسهيل استيراد المواد الطبية والمراحل المختلفة لتلك العملية بما في ذلك كيفية توصيل الإمدادات الطبية إلى المراكز الصحية النائية. ويشكل المستشفى الميداني المتنقل الذي قدمناه الشهر الماضي هدية لوزارة الدفاع لدعم القوة الموريتانية المشاركة في قوة الساحل G5، زيادة كبيرة في القدرات الطبية للبلد. وقد بلغت تكلفة هذا المستشفى أكثر من مليونين وست مائة ألف دولا امريكي. 

 

إن مساعدتنا لا تقتصر على المال والإمدادات. وخير دليل على ذلك هو العدد الكبير من الخبراء الذين أوفدناهم إلى جميع بلدان العالم، حيث ما زالوا يقدمون البرامج التعليمية عبر نظام مؤتمرات الفيديو (عبر الإنترنت)، هذا بالإضافة إلى الأطباء والعاملين في مجال الصحة العامة والمُدَرَّبين المتخصصين. ويعود الفضل في ذلك كله إلى أموال الولايات المتحدة ومؤسساتها التعليمية. ويمكن أن نضيف إلى ذلك فرص التموين التي نبقيها متاحة لصالح الشركات الأمريكية التي تنتج وتوزع الإمدادات الطبية الأساسية ذات الجودة العالية عالميا.
بالطبع حكومتنا ليست وحدها من يساعد العالم، بل هناك هيأت الأعمال الأمريكية والجمعيات الأهلية والمنظمات الدينية التي منحت مجتمعة 1.5 مليار دولار أمريكي على الأقل لمكافحة الوباء خارج البلاد، كما أن الشركات الأمريكية تبتكر تقنيات جديدة للأمصال والعلاجات والتشخيص وأجهزة التنفس الصناعي. هذا هوالتفوق الأمريكي في أنصع أوجهه.

 

كما قلنا مراراً وتكرارًا، فإن الولايات المتحدة لن تتوقف عن مساعدة الآخرين في الوقت الذي يكونون فيه في أمس الحاجة للمساعدة، ولا تختلف أزمة كوفيد-19 عن هذا الوضع. سنستمر في مساعدة البلدان على إقامة أنظمة رعاية صحية قادرة على الصمود بحيث تتمكن من الحيلولة دون تفشي الأمراض المعدية عن طريق اكتشافها مبكرا والتصدي لها. وبما أن الولايات المتحدة قد جعلت العالم أكثر صحةً وسلامًا وازدهارًا على مدار أجيال، فإنها ستستمرفي لعب دور ريادي في التغلب على عدونا الوبائي المشترك الحالي لنكون بعد ذلك أكثر قوة.

نواكشوط 16 إبريل 2020

ميكل دودمان 
سفير الولايات المتحدة الأمريكية لدى موريتانيا

خميس, 16/04/2020 - 15:25