المشاريع السياحية تجتاح شواطئ لبنان

أصدرت الحكومة في لبنان في 26 أبريل/نيسان الماضي مراسيم تسمح بإشغال الشاطئ العام في ثلاث مناطق، وسرعان ما تبين أنه سيكون على شكل منتجعات سياحية، لتنضم إلى أكثر من ألف منتجع بدأ منذ الحرب الأهلية ولم تتم تسوية أوضاعه، مما يحرم الحكومة من مداخيل تقدر بالمليارات والمواطنين من التمتع بالشواطئ.

وسمحت المراسيم بإشغال شواطئ الناعمة جنوبي بيروت، وذوق الخراب وذوق مصبح شمالي بيروت، لكن المجلس الأعلى للتنظيم المدني كان قد رفضها قبل جلسة الحكومة بأسبوعين.

ورغم أن موقف التنظيم المدني استشاري فإن المشروع يتعارض مع القوانين التي تمنع التعدي على الأملاك البحرية لصالح المشاريع الخاصة التي اجتاحت الشاطئ اللبناني.
وهذه ليست المرة الأولى التي تمنح فيها تراخيص رسمية لمشاريع تضر بالبيئة البحرية وتتعدى على مساحات عامة لصالح منتجعات خاصة رغم كل الاحتجاجات، حيث ينذر تكرار الأمر بالقضاء على ما تبقى من الشاطئ العام لصالح استثمارات خاصة لا سيما في منطقة "ملاحات أنفة" التاريخية في شمال لبنان.

وأنفة هي المنطقة الأخيرة التي لا تزال الملاحات القديمة تعمل فيها لإنتاج الملح، ولكن هناك محاولات في السنوات الأخيرة من بعض رجال الأعمال شراء مساحات هناك لتحويلها إلى مشروع سياحي جديد.

وبجهد خاص من قسم الآثار في جامعة البلمند التي تقع قرب بلدة أنفة، تم التوقيع على اتفاقية للحفاظ على المنطقة، وبدأ العمل على مشروع تنمية مستدامة يحول البلدة إلى قرية نموذجية لكل لبنان.

وتقول رئيسة قسم الآثار نادين بايوت إن "ما حصل أمر هام، واليوم أصبح مفهوم المواقع الطبيعية يجمع الإرث الثقافي والإرث البيئي والطبيعة، وينطبق ذلك على بلدة أنفة فهي مميزة ببيئتها وطبيعتها وجغرافيتها".

لكن إذا كانت أنفة قد تجنبت المشاريع الكبيرة فإنّ شاطئ الرملة البيضا في بيروت خسر معركة البقاء كشاطئ عام مفتوح أمام الجميع، إذ شهد منذ أسابيع حفل افتتاح فندق بني عليه مباشرة ولم يستطع الناشطون في مجال حماية الشاطئ إيقافه.

وكل ما استطاعوا فعله هو الاعتصام يوم الافتتاح قرب الفندق وهم يستنكرون بقاء حوالي 15% فقط من الشاطئ اللبناني حيزاً عاماً وتحوّل الباقي لمشاريع خاصة لا يمكن للمواطن العادي تحمل نفقاتها.

ويقول علي درويش، وهو أحد هؤلاء الناشطين، للجزيرة نت إن هناك ما يثبت أن المبنى مشيد على رخصة مبنية على معلومات وأوراق مزورة، مما يستوجب بطلان الرخصة.
ويمنع قانون صدر عام 1966 استخدام الأملاك البحرية لغير المنفعة العامة، لكن الحرب الأهلية أطاحت بالقوانين وبكثير من هذه الأملاك، ليعود مرسوم صدر عام 2009 ويضع الأصول العامة لترتيب الأراضي تحديدا على الشواطئ.

ويقول نقيب المهندسين جاد ثابت للجزيرة نت إن "المراسيم تحدد أن الشاطئ اللبناني ثروة نادرة لا يجوز التفريط بها، وتحدد مواقع محددة أهميتها أكثر من غيرها، مثل الرملة البيضاء وأنفة، وبعض الأماكن الخاصة يجب منع إقامة أي مشاريع عليها".

ومع ظهور المشاريع الجديدة بعدد من المناطق، فإن ما نراه على أرض الواقع هو تمرير قرارات تسمح للمتمولين والشركات الكبرى بإقامة مشاريع تقضم شيئاً فشيئاً المساحات العامة ولا تترك للمواطن إلا القليل من طبيعة بلاده ليتنعم بها مجانا.

المصدر : الجزيرة

خميس, 12/07/2018 - 00:13