ضمان الجودة في قلب منظومة التعليم العالي والبحث العلمي

آمادو كي كونتي

لقد أدت الزيادة الكبيرة لعدد التلاميذ الحاصلين علي الباكلوريا وكذا الارتفاع المضطرد في حجم الطلبة المبتعثين للخارج، لغرض التكوين، إلي قيام الدولة، عند مطلع الثمانينيات، بإنشاء نظام للتعليم العالي، انطلاقا من لا شيء. اذ لم تكن لدينا بنيات تحتية ولم نكن نتوفر علي  طاقم تدريسي مؤهل. لذلك تركزت الجهود خلال السنوات الأخيرة على بناء نظام تعليم عال وبحث علمي قادرين علي أن يكونا رافعة قوية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، باعتبارهما الهدف المنشود، حيث أصبح لدينا برسم السنة الجامعية 2019/2020 نظاما للتعليم العالي يتكون من :

مركب جامعي، خاضع للمعايير الدولية، مكون من 4 كليات ومعهد

4 معاهد عليا

أكاديمية بحرية تتكون من المعهد العالي لعلوم البحار و المدرسة العيا للضباط

مدرستين

ولقد قام القطاع بمجموعة من الأنشطة تهدف من بين أمور أخرى إلي:

التركيز علي العلوم والتكنلوجيا والهندسة والرياضيات

استخدام التقنيات الحديثة

توسيع دائرة الولوج للتعليم العالي

توطيد الفاعلية الداخلية

تنويع عروض التكوين التقني والعلمي.

لقد أدت هذه العوامل من بين أخرى إلى إنشاء المدرسة العليا المتعددة التقنيات ومكوناتها :المعهد التحضيري لدخول المدارس الكبرى للمهندسين ، المعهد العالي لمهن البناء، والأشغال العمومية والعمران بالاك ، المعهد العالي لمهن المعادن بمدينة بازويرات ، ، المعهد العالي للمهن الإحصائية ، سلك المهندسين ، وكذلك الأكاديمية البحرية ، إلا أن هذا التنوع في العرض يحتم علينا، لبلوغ هدفنا، أن نكسب رهانا آخر، ذلك الرهان هو رهان الجودة.

إن الحصول علي معاهد عليا للتكوين التقني والعلمي يعتبر مسألة ممتازة  إلا أنه من الضروري أن تكون هذه التكوينات علي قدر من الجودة وأن تتم وفقا للمعايير والشروط الدولية. ولهذا السبب قام القطاع بجعل ضمان الجودة المحور المركزي في خطته الخماسية لتطوير القطاع ، ولا جدال في أن هذا القطاع سجل تقدما هاما ، تمثل في تطوير إطاره المؤسسي وفي تحسين بنياته ، وعلي مستوي الفعالية الداخلية والخارجية وكذلك علي مستوي التسيير والحكامة ، و تلتقي كل  الإصلاحات التي قيم بها في السنوات الأخيرة حول نفس الهدف.

لقد شكلت هذه الإصلاحات محورا أساسيا من برنامج إصلاح القطاع الذي قاده معالي وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتقنيات الإعلام والاتصال الدكتور سيدي ولد سالم  والذي عمل من خلاله علي  موائمة مخرجات التعليم العالي والتكوين مع متطلبات سوق العمل والاقتصاد والتطوير التقني والعلمي للبلد .

ورغم كل ما سبق ، مازالت توجد بعض النواقص و الاختلالات، إلا أن القطاع يعمل بشكل دؤوب على تصحيحها.

إن إدخال الجودة على أنظمة التعليم العالي يعتبر مطلبا ملحا للعولمة، وذلك حرصا علي ضمان التكوين الجيد لأصحاب المهن مع مراعاة ضرورة الاندماج الاقتصادي.

وقد أثبتت التجارب العالمية ضرورة وضع تصور و نظام وطني لضمان هذه الجودة ، وينبغي لهذا النظام أن يرتكز على الجودة الخارجية التي تجمع بين التطبيق والتقويم الذاتي من طرف المؤسسات وعلى التقويم الخارجي من طرف خبراء خارجيين طبقا للمعايير والنظم الدولية المعدة من طرف الهيئات المتخصصة .

من اجل ذلك واستلهاما لبعض التجارب الناجحة في شبه المنطقة و العالم قام القطاع بإنشاء هيأة للجودة تسمي (السلطة الموريتانية لضمان الجودة ) بموجب المرسوم رقم039-2017 بتاريخ 10 يوليو 2017 والتي بدأت مهامها مع بداية سنة 2020 وهي الهيأة التي حلت محل خلية المتابعة والتقويم المنشاة سنة 2015 المكلفة سابقا بدراسة عروض التكوين وتقديم الرأي وإحالتها إلي المجلس الأعلى للتعليم العالي والبحث العلمي لغرض اعتمادها.

إن إنجاز هذه المهمة وفقا للمعايير الدولية المعمول بها وبانسجام مع أهداف وخصوصيات نظام التعليم العالي الوطني يتطلب بطبيعة الحال، متسعا من الوقت وقدرا من الوسائل. كما يتطلب، بشكل خاص، كفاءات فنية ومهنية متخصصة سواء على مستوى الوكالة المذكورة أعلاه أو على مستوى مؤسسات التعليم العالي وهيئات البحث العلمي.

إن هذا هو التحدي الرئيسي الذي ينبغي رفعه بواسطة جعل التكوين والخبرة في مجال ضمان الجودة، أحد أهم أولويات خطة الوكالة.

خميس, 16/07/2020 - 15:54