الدَّساتِيرُ بإِفْرِيقْيا و الحَاجَةُ إلى مَزِيدِ تَحْصِين

المختار ولد داهى،سفير سابق

الدساتير هي النص القانوني الأساسي الذى يجسد  المشترك المتفق عليه بين مواطنى دولة ما فى مجال  المرجعيات و الثوابت و القيم 
و يحدد على الخصوص اختصاصات السلط و يُؤكِّدُ الفصلَ بينها.

وقد عانت القارة الإفريقية خلال العقود الماضية من "استيراد-استنساخ"دساتير مصنعة خارجيا لم تتم تَبْيِئتُها بما فيه الحاجة و الكفاية لا فى الشكل و لا فى المضمون كما عانت من لَيِّ عنقِ تلك الدساتير  حسب مصالح و أمزجة  كل طامح لانتزاع الحكم أو مهوُوسٍ بالمُكْثِ و الخلود فيه.

و فى العقود الأخيرة أدخلت تحسينات و تحصينات على معظم دساتير الدول الإفريقية أهمها تحديد سقف المأموريات الرئاسية بمأموريتين اثنتين فقط  كل واحدة منهما خمس سنوات بالإضافة إلى  تحريم و تجريم الانقلابات العسكرية و كافة أشكال الاستيلاء اللادستوري على السلطة.

و قد لُوحظ خلال هذه السنة و التى سبقتها نوع من الرِدَّة عن المكتسبات الدستورية  الخاصة بإرساء و ترسيخ فضيلة التداول السلمي على السلطة كما هو حاصل بالعديد من الدول الإفريقية (اتشاد،ساحل العاج،غينيا كوناكري،جيبوتي،..)و كما أوشك أن يحصل  أيضا بدول أخرى(الجزائر،السنغال،
بوركينافاسو،. الكونغوكنشاسا،...).

كما لوحظ اهتمام كبير بالأوبة للمشهد السياسي  من طرفِ العديد من الرؤساء  الأفارقة السابقين  رغم أن رصيدهم  الإِنْجَازِي  خلالَ فترات حكمهم قائلٌ لهم بأن يَتَوَارَوا؛من هؤلاء من يجهَرُ برغبته فى استرداد المقعد الرئاسي( Henri Konan Bédié و Laurent Bagbo  بساحل العاج،François Bozizé بجمهورية إفريقيا الوسطى)و منهم منْ يصر على نشاطه بالمشهد السياسي و يعُضُّ أصابعه على ترك السلطة و يُسِرُّ  فى نفسه العزم على استرداد السلطة (محمد ولد عبد العزيز بموريتانيا،و جوزيف كابيلا بالكونغو-كنشاسا).

و محَارِبةً لردة خرق سقف المأموريات و ندم الرؤساء السابقين على احترامها و نيتهم الأوبة للسلطة فإنى أعتقد أن القارة الإفريقية بحاجة إلى "جيل جديد"من الإصلاحات-التحصينات الدستورية يتضمن:

أولًا- إطفاء فتنة إمكانية تأويل عدم حصانة سقف المأموريتين من خلال إعادة كتابة المادة أو المواد المتعلقة بسقف المأموريتين كتابة صريحة تغلق كافة منافذ شياطين التأويل و الوسوسة،...

ثانيا-النص دستوريًا على أن خرق أو محاولة خرق سقف المأموريتين الرئاسيتين يُكَيَّفُ على أنه جريمة ضد الإنسانية لا تتقادم و عقوبتها السجن ما بقي من الحياة،...

ثالثًا-تحريم العمل السياسي  مطلقًا على الرؤساء السابقين الذين أكملوا المأموريتين و كذا الرؤساء السابقين الذين استقالوا طوعا من مأمورياتهم و ذلك  وقاية للمشهد السياسي من الإرباك الذى يسببه غالبا النشاط السياسي للرؤساء السابقين و تحصينًا لهم من الندم على احترام الدستور و مغادرة السلطة و تحفيزًا للرؤساء عموما على مغادرة السلطة بعد انصرام مأمورياتهم و عيونهم ليستْ فى أقْفِيَّتِهِمْ.

أربعاء, 07/10/2020 - 13:01