الشيخ محمد الغزالي رحمه الله

محفوظ ابراهيم فال

في كثير من البلاد الإسلامية رأيت الوساخة في الطرق والبيوت أو في الملابس والأبدان،ورأيت الفوضى في سير الأشخاص والعربات،ورأيت الإهمال والتماوت في تناول السلع والواجبات،ورأيت دوران الناس حول مآربهم الذاتية و نسيانهم المباديء الجامعة والحقوق العامة،ورأيت انتشار اللغو والكسل وفناء الأعمار في لاشيء!!
والكذب في المواعيد وفي روايةالأخبار،وفي وصف الآخرين أمر سهل،وكذلك استقصاء الإنسان في طلب مايرى أنه له،واستهانته في أداء ماهو عليه،ونقصه ماهو قادر على إتمامه،وفقدان الرفق في القول والعمل وشيوع القسوة والمبالغة في الخصام!
ثم تحول الآداب إلى قشور يطل من ورائها الرياء بل إن الرياء-وهو في الإسلام شرك-يكاد يكون المسيطر على العلاقات الإجتماعية،وهو الباعث الأول على البذخ في الأحفال والولائم والمظاهر المفروضة في الأفراح والأحزان
إننا نقول لغيرنا:النار مصير الملاحدة والمشركين،ولسوف يجزون مايستحقون لقاء كفرهم بالله ونسيانهم له!
ليت شعري لماذا لانقول لأنفسنا:والنار مثوى المرائين الذين عموا عن وجه الله،وأردوا الحياة الدنيا وزينتها،واستماتوا في طلب الشهرة والسمعة والمال والجاه،وكانت علاقتهم بهذه 
الأهواء أشد من علاقة المشركين بأوثانهم؟؟
لماذا لم نقل لأنفسنا:إن أول من تسعر بهم النار،رجال دين يطلبون الدنيا،ورجال مال وحرب ينشدون الوجاهة والسلطان؟ألم يقل لنا نبينا صلى الله عليه وسلم ذلك؟
إنني طفت في أقطار إسلامية كثيرة،فرأيت سطوة العرف أقوى من سطوة الشرع،واتباع الهوى أهم من اتباع العقل!
وللناس قدرة عجيبة في إلباس شهواتهم ثوب الدين،وتحقيق مآربهم الشخصية باسم الله..
وأذكر أني كنت في شبابي المبكر أغشى بيت تاجر أرمني كي أدرس اللغة العربية لأحد أولاده،وكانت الأم ترقب ابنها وتذكره بما أفرضه عليه من واجبات..
وخلال سنة لاحظت أن هذه الأم،لاترتدي إلا ثوبين أو ثلاثة من نوع رخيص ولكنه نظيف وأنيق..على حين كنت أرى الأسر الإسلامية في دنيا أخرى!ماتكتفي المرأة إلا بعشرات من الثياب الغالية..
ودرست أوضاع الزواج في أغلب البلاد الإسلامية،فوجدت النفاق الإجتماعي يهيمن على السلوك:كم يدفع لشراء الحلي والملابس كم سيدفع لإقامة الأحفال والولائم؟؟كم سيدفع لتقديم الهدايا واقتناء الأثاث العصري؟.
إن الجماهير تغض الطرف عمدا عن مسالك للشباب قبل الزواج تذبح فيها أعراض،وتبيد فضائل،إلى أن يتيسر الزواج وفق المواصفات التي وضعها الشيطان!
إن السلبية لا تزكي فردا ولاجماعة،والأمة التي تدور حول مآربها وحسب،لاتزيد عن أعدادها من الدواب في الحقول،أو الوحوش في الغابات..
والحق أن فواجع رهيبة أصابت المسلمين بسبب غمط الأذكياء وتقديم الأغبياء،والعرب ،وقد أصابنا الإستعمار  العالمي في صميمنا عندما أوهى الإسلام واستبعد ايحاءه في الحياة العامة،لقد تبع ذلك انهيارخلقي محزن،وميوعة لاتستقر فيها على شيء!.
ولكي يعود سلطان الأخلاق إلى عرشه يجب أن يعود اليقين إلى الأفئدة،وأن تألف الجماهير الصلاة،وأن تنتصر الفضائل على الشهوات،وألا يحترم كذوب أو يتقدم مفرط
(الطريق من هنا)

أربعاء, 18/11/2020 - 14:25