العقوبات الأميركية على تركيا ماذا وراءها؟

 بنكي حاجو

اندرو برونسون قس امريكي وراعي انجيلي لكنيسة القيامة البروتستانتية في مدينة ازمير التركية .

متزوج وله ابنان مولودان في تركيا حيث يقيم القس هناك منذ اكثر من عشرين عاما .

اعتقلت السلطات التركية القس برونسون عام 2016 وقضى في السجن مايقرب من سنتين حيث صدر قرار قضائي قبل ايام تسمح له ان يبقى معتقلا في داره حتى صدور قرار نهائي بحقه .

القس متهم من قبل السلطات التركية بانتمائه الى تنظيم غولن الذي قام بالمحاولة الانقلابية في 15 تموز 2016 كذلك هو متهم باقامة علاقات مع حزب العمال الكردستاني ب ب ك .

اذا تم اثبات التهم الواردة اعلاه فان القس سينال عقوبة بالسجن تصل الى 35 عاما على اقل تقدير .

الرئيس ترامب وكذلك نائبه بنس طالبا قبل اسبوع باطلاق سراح القس على الفور لانه بريء وهو محتجز كرهينة  لدى الدولة التركية .

القس الامريكي مسجون منذ عامين وباءت كل محاولات الادارة الامريكية في اطلاق سراحه واعادة الحرية الى القس البريءبالفشل .

لماذا تعتبر امريكا القس رهينة وليس متهما؟

فتح الله غولن هو امام وداعية تركي ومتهم بتشكيل ما يسمى بالدولة الموازية في تركيا والخارج في دول عديدة  .

تنظيم غولن المسمى بفتو مصنف كتنظيم ارهابي في تركيا وينتمي ايديولوجيا الى نفس الحاضنة الاسلامية لحزب العدالة والتنمية الحاكم بقيادة اردوغان .

لقد تمكن تنظيم غولن من التسلل الى كل المناصب الحساسة في الحكومة والدولة والقضاء والجيش والبوليس وكاد ان يطرد اردوغان من الحكم وقتله في المحاولة الانقلابية الفاشلة في 15 تموز 2016 .

فتح الله غولن كان هاربا الى امريكا بسبب حكم بالسجن صادر في تركيا قبل وصول حزب العدالة والتنمية الى الحكم عام 2002  وذلك باتهامه بالعمل لنشر الاسلام السياسي .

غولن كان يدير تنظيمه من امريكا بما فيه قيادته للمحاولة الانقلابية المذكورة اعلاه من هناك .

بعد فشل المحاولة الانقلابية طالبت تركيا الحكومة الامريكيةبتسليم غولن اليها لينال العقوبة اللازمة .

الرد الامريكي كان صريحا بان الحكومة ليست لديها اية صلاحيات لتسليم اي شخص مقيم في امريكا بقرار سياسي وان القرار هو بيد القضاء حصرا .

تركيا استمرت في محاولاتها لاعادة غولن اليها وقدمت مجلدات من الملفات القضائية التي بحوزتها بحق غولن الى القضاء الامريكي ولكن دون جدوى .

اردوغان كان يتوسل الرئيس ترمب ويناشده باسم العلاقات الحميمة بين البلدين وتذكير الامريكان بان تركيا هي اصدق حليف وخادم لامريكا منذ دخولها الى الناتو قبل سبعين عاما . 

الرد الامريكي كان دائما هو بان امريكا هي دولة قانون يسود فيها الحقوق والقرار يعود الى جهاز القضاء فقط .

تم اعتقال القس برونسن قبل عامين .

طالبت امريكا باطلاق سراحه وقالت انه بريء وانه مجرد رهينة كما ورد في بداية الحديث .

تركيا استعملت نفس اللغة مع امريكا وقالت انها دولة قانون وحقوق والقرار هو بيد القضاء التركي فقط وليس للحكومة التركية اية صلاحيات لاطلاق سراحه .

ولكن اردوغان طلب عدة مرات من الادارة الامريكية مبادلة القس بغولن اي اطلاق سراح القس مقابل تسليم غولن الى تركيا .

اردوغان كان يردد دائما قوله الشهير وهو يقول للادارة الامريكية  اعطونا القس وخذوا القس اي مبادلة القس برونسن بغولن واصفا الاخير بالقس .

يعني حسب التعبير القذافي طز في العدالة والحقوق والقانون والقضاء والتحقيق والاخلاق ...هات و خود .

هنا تأكدت الادارة الامريكية ان القس بريء تماما وان الدولة التركية تحتجزه كرهينة لابتزاز الادارة الامريكية لتسليم غولن .

وتسلسلت التطورات بسرعة منذ اسبوع حيث صدر القرار الامريكي قبل ساعات تفرض فيه امريكا عقوبات على وزيري الداخلية ووزير العدل التركيين بتجميد اموالهم وبقية سلسلة العقوبات المرافقة في هذا المجال .

اول مؤشر على جدية العقوبات ظهر بعد ساعات من القرار وهوهبوط سعر الليرة التركية  مقابل الدولار .

القيامة قائمة في تركيا والكل في حالة احباط وهياج معتبرين العقوبات على الحليف الوفي احتقارا واستهزاء بالدولة التركية  .

حوارات ومناقشات في جميع التلفزيونات وعلى كل المستويات والتي تصل الى درجة تحقير امريكا وكثيرون يرون ان فرض العقوبات هو تآمر يهودي نصراني من الغرب الكافر .....الخ .

الجميع يطالب برد الصاع صاعين وبفرض عقوبات تركية على امريكا .

في الواقع القس مسجون منذ عامين وقضيته جزء من سلسلة خلافات عميقة تراكمت بين امريكا وتركيا في السنوات الاخيرة ومنها التوجه التركي نحو روسيا والصين وخلافات في شؤون الحرب السورية وعدم التزام تركيا بتطبيق العقوبات الامريكية على ايران لا بل ان تركيا كسبت مليارات الدولارات من خلال الالتفاف على تلك العقوبات منذ سنين ولا زالت المحاكمات بحق بعض المصرفيين الاتراك والمهربين جارية في امريكا .

تركيا لا تستطيع الصمود بوجه امريكا حاليا على الاقل بسبب الازمة الاقتصادية الخانقة والتي قد تصل الى درجة الافلاس والانهيار .

إيلاف

خميس, 02/08/2018 - 09:38