اصلاح مسار تنمية الصيد والاقتصاد البحري (2)

سيدي محمد ولد امحمد شين

لن يجدي ترقيع الأخطاء والهفوات الكثيرة في إطار استراتيجية الصيد البحري 2020/2024المرسومة من طرف الوزير السابق سنة 2020 والمستخرجة والمستنسخة من استراتيجية حصص المغالطات السابقة 2015/2019 ونصوصها التطبيقية والتي كان من أبرز نتائجها الاستنزاف الشرس لثروتنا السمكية وعزوف العمالة المهنية الوطنية بعيدا عن البحر لتلاشي املها في هذا القطاع الذي كان بالأمس حيويا وأصبح كأنه يلفظ انفاسه الاخيرة. لأنه بكل بساطة ما بني علي باطل فهو باطل.

من أخطر المغالطات المخالفة للأعراف البحرية التي ورثت عن استراتيجية الحصص السابقة هي السماح للسفن الأجنبية بالولوج إلى النظام الوطني دون تغيير فعلي لدولة علمها «PAVILLON» حتى تكون مؤهلة للحصول على كامل المزايا الوطنية من دفع حق الولوج إلى الموارد السمكية تماما مثل السفن الوطنية والذي بنص القانون على انه لا يتجاوز 3 ارو أي ما يعادل 140 أوقية جديدة لطن من الأسماك السطحية بدلا من دفع 123 ارو أي ما يعادل 5000 أوقية جديدة مطبقة على السفن العاملة في النظام الأجنبي.  

لم ولن تخلق هذه المغالطة فئة جديدة من الفاعلين الوطنيين ولن تساعد كذالك على تحقيق أقصى قدر من المنافع الوطنية المستمدة من هذا النشاط بقدر ما ستؤدي إلى مزيد من التشكيك في فعالية ومعايير تسيير إدارتنا البحرية التي تعمل حاليا دون مستوى النظم الدولية المطلوبة. وفي هذا الإطار وردا على دعوة المستثمرين الأوربيين على دخول القطاع فانه لا يمكن أن يقبل أي مالك سفينة أوروبي أن يدخل في هذا الغش والاحتيال على مصالح الشعوب خوفا من أن يعاقب من قبل الإدارة البحرية لبلده. فقط الصينيون والأتراك هم الذين يدخلون تلك المغامرات ويكسبون أكثر في هذا المجال.

في عام 2005، كان الأسطول الوطني يتألف من حوالي 347 سفينة صيد صناعية متهالكة، و102 سفينة صيد ساحلية و3700 قارب صيد تقليدي كلها موريتانية بالكامل طاقما إدارتا تجهيزا وتسييرا. وكانت العوائق الرئيسية التي تقف أمام تطوير وتنمية قطاع الصيد في ذلك الوقت على النحو التالي:

• تهالك سفن الصيد الصناعية وهشاشة أمن قوارب الصيد التقليدي

• عدم وجود بنية تحتية كافية للتفريغ (الموانئ ونقاط التفريغ المجهزة)

• عدم تثمين المنتج (مصانع المعالجة وتثمين المنتج)

• عدم وجود سعة كافية لحفظ المنتجات (قدرة مصانع تبريد المنتجات)

• ضعف تأهيل القوى العاملة الوطنية وخاصة في صيد الاسماك السطحية (التدريب والخبرة).

بعد 16 سنة، مازال القطاع يعاني نفس تلك المعوقات المذكورة أعلاه وزيادة، والجديد انه أصبح مستغلا من طرف مجموعة من الأساطيل الاجنبية مختلفة الجنسية منها ما هو موريتاني خالص ومنها ما هو موريتاني على الورق ومنها ما هو صيني ومنها ما هو تركي وفي سابقة من نوعها يتم السماح لهذا الخليط من السفن الأجنبية الولوج إلى النظام الوطني، الخاص بالسفن الوطنية يا له من تناقض مع القوانين والمصالح الوطنية.

حيث يتم توزيع هذه الأساطيل على النحو التالي:

الأسطول الموريتاني: حوالي 30 سفينة صيد صناعية و112 سفينة لصيد الأسماك الشاطئية و9200 زورق، منها حوالي 3000 يحملون الجنسية المزدوجة السنغالية-الموريتانية.

الأسطول الصيني بولي هون دونغ 120 سفينة في أعماق البحار والصيد الساحلي و150 زورقا مسجلة بأوراق موريتانية مع طاقم ومجهزين وإدارة صينية بحتة.

الأسطول التركي: أكثر من 48 سفينة تركية لصيد الأسماك السطحية تعمل بشكل رئيسي على تموين وبيع الأسماك السطحية لمصانع الدقيق وزيت السمك وتستخدم أوراق ومجهزين ومسيرين في إدارة تركية كاملة ومع ذالك تعمل في النظام الوطني

 وأسطول أخر مختلط مكون من 30 سفينة من مختلف الأعلام الأجنبية بما في ذلك الأغلبية الصينية لصيد الإخطبوط..

ادي هذا الانتهاك الصارخ للقوانين والنظم والمعايير وحتى الأعراف البحرية الي: 

ارتفاع كبير للجهد وبشكل فوضوي على مختلف عمليات الصيد البحري وبالتالي

انخفاض حاد في مجمل انواع المخزون السمكي الوطني وخاصة الاكثر قيمة مالية الاخطبوط  

انتشار البطالة في صفوف الشباب الموريتاني العاملين في الوسط البحري وعزوفهم عن القطاع

افشال برنامج مرتنة الوظائف والمهن البحرية من قباطنة وضباط صيد وبحارة مؤهلين حيث بلغ عدد المسجلين عام 2005 أكثر من 20000 قادرة على تشغيل الاسطول الوطني من خلال عدم تطبيق القوانين الخاصة باستئجار السفن على هيئة هيكل عاري والاكتفاء بتسديد مبلغ سنوي زهيد 50000 اوقية جديدة للأكاديمية البحرية مقابل السماح للبحار الاجنبي بالعمل وترك العمالة الوطنية المؤهلة للبطالة. 

عدم قدرة الرقابة البحرية على تأدية مهامها المتشعبة في ظل الفوضى العارمة في الاستثناءات والمزايا الممنوحة لبعض المستثمرين الاجانب على حساب القوانين الوطنية

تطويع وتحريف تقارير البحث والارشاد والتقويم العلمي التي ينبغي ان تكون محايدة للتمكن من مغالطة اصحاب القرار والراي العام وعدم اخذ الواقع بعين الاعتبار   

الابقاء المتعمد على ضعف القدرات البشرية والمادية والمالية لكافة ادارات ومؤسسات القطاع العلمية والتفتيشية والادارية وابعاد الخبرات المهنية لكيلا تتمكن من متابعة هذه المغالطات.

عزل وتهميش واضعاف ادارة البحرية التجارية المسؤولة عن رسم ومتابعة وتنظيم وتطبيق القوانين البحرية الدولية والوطنية والنظم والمعايير المتعلقة بالعمالة والسفن والموانئ والبيئة البحرية وسلامة وامن الملاحة البحرية من خلال تركها ادارة مركزية فقيرة الامكانيات البشرية والمادية لكيلا تتمكن من القيام بمهامها التفتيشية الفنية.   

التركيز على نهب ثروات البلد بكل الوسائل المتاحة والدوس على القوانين الوطنية وتناسي محاور سياسات تنمية القطاع الحقيقية من تشجيع للمستثمرين والفاعلين الوطنيين على تثمين المنتوج وتوفير منشئات لتفريغ وحفظ وتعليب المنتوج بشكل صالح للاستعمال البشري وليس لمصانع الدقيق التي يدفع اصحابها قصور الشواطئ على حساب الوطن

انتشار الرشوة والفساد والمغالطات وسوء التنظيم على كافة مستويات القطاع وانتهاج سياسة ويل أمك ياالوراني  

  ارباك كافة الاطراف الفاعلة في القطاع العمومية منها والخصوصية وكذلك المستثمرين والمانحين في ايجاد الحلول المناسبة بأقل الخسائر.

هذه بعض من نتائج العمل باستراتيجية الحصص 2015 -2019 ونصوصها التطبيقية بكل موضوعية والتي مازال القطاع يعمل بها في نسخة جديدة بنفس المحاور تقريبا ونفس الاستشارات من نفس المصدر مع تغيير طفيف في التسمية.

فهل ياتري يمكن تصحيح مسار تنمية قطاع الصيد والاقتصاد البحري ليحقق الاكتفاء الذاتي في مادة السمك للموريتانيين كدرس مستخلص من دروس ما بعد جائحة كورونا وهدف من اسمي اهداف برنامج فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني المسمى تعهداتي بترقيع استراتيجية اثبتت فاشلها!!! ?

وهل هذه المؤشرات السلبية ستمكن موريتانيا من اللحاق او حتى مقاربة الوصول الي الريع الاقتصادي والاجتماعي والمالي الذي تحصل عليه البلدان المجاورة لنا من الشمال والجنوب بأقل من مخزوننا السمكي. ?

والي متي ستظل موريتانيا تكرر نفس الاخطاء وتتعلل ببداوة وعدم خبرة ابنائها. ?

فلكم الحكم ...!

ثلاثاء, 16/02/2021 - 09:16