الهاربة بلدتي 1986

محمد الأمين ولد محمودي

"سيزوجونها من فلان".هكذا تلقفت المعلومة وأنا طفل صغير..أعلنت الفتاة بطريقة مبتكرة رفضها لتلك الزيجة لسبب واحد وهو انها لاتريد هذا الرجل الدرويش، تنادت القرية لهذا الخطب، فسعيد الحظ طيب وابن عم لايرد..لم تهتم لكلامهم وخرجت في كامل زينتها والحناء في يديها كقيد مؤلم..الخلاخيل ورائحة الطيب تزيد من سريالية المشهد، ركضت في حمارة القيظ على الرمال الملتهبة المبتلعة..بحث عنها الحي بأسره،كانت تدرسنا القرآن حين يغيب والدها، حملنا الألواح وفي نسختها حب وعدل.. عدونا تحتها كظلها خلال الفرار، كنا نصرخ ونولول وكنا بصراخنا كأننا نضرب دابة على جرح نازف،هكذا كانت تحس بلاشك، كشفنا مسارها للجمع،أعيدت لحظيرة القبيلة تحت الزغاريد والتعليقات الساخرة وطمر الأصابع والانتقادات والبذاءات والهمس واللمز، انها أنشوطة القبيلة التي تضيق عليك متى حاولت الابتعاد. توسط لديها وضغط الأقارب من كبار السن للعودة والرضوخ..وفعلا تزوجت ذلك الرجل وعاشت معه، ومنه أنجبت، لكنهاماتت بعد سنوات دون أن تحب..ماذا كانت تريد؟ أو من كانت تريد؟
لا أعرف الا الرجل الذي كانت ترفضه لكنني أعتذر لها الآن، فقد كنت طفلا حين أخبرتهم وأقراني عن مكانها.
مر بي وجهها الآن فحرمني من النوم..رحمها الله.
شهود القصة معنا هنا.

خميس, 25/03/2021 - 00:00