من أدب تجكجه :

الشيخ معاذ سيدي عبد الله

كان الأديب المتصوف محمد عبد الله ولد اعبيد الرحمن شاعرا مفلقا وناقدا مسموع الكلمة، يتجشم الشعراء عناء السفر إليه من بعيد ليحكم بينهم..

ومن جميل مواقفه النقدية قصة تحكيمه بين الشاعرين الشيخ محمد عبد الرحمن، الملقب ( محمد مر) بن الحابوس ومحفوظ بن جار الله ( ولد امني).. فقد اتفق أن جرت بينهما مشاعرة، فقرر ( محمد مر) الاحتكام على ولد اعبيد الرحمن، فذهب إليه ومعه أحد طلابه، حيث وجدوه في بادية قريبة من تجكجه، فقال له الشيخ إنه قد وقعت بينه وبين بني عمه مشاعرة ولم يرضوا إلا بتحكيمكم، بما أنكم أدرى الناس بالشعر والأدب، فأريد أن تحكم بيننا أينا أشعر ؟

فقال ولد اعبيد الرحمن : ستمكثون معي ثلاث ليال، وسأله عن اسمه، وعندما انتهت الليالي الثلاث زودهم بقصيدته المشهورة، التي يقول منها :

هو الهجو طعم الهجو لا ذقته مر == وأبلغ هجو ما يمر الفتى مر

قد أخنى على الأشعار رونق شعره == مقاصده در وألفاظه در

وما رمتُ تنقيص الألى أحرزوا العلا == وباللغو ما زالوا كراما إذا مروا

ثم بعد مدة نقض حكمه هذا، فحكم للشاعر محفوظ بن جار الله ( ولد امني) بقصيدة يقول منها :

عليّ إله العرش ذو المن ذو من == بلقياي محفوظا نقيب بني امني

فما التذّ مني الذهن إلا بشعره == فلا لذة السلوى ولا لذة المن

ألا لا يخل من كان هاجاه لا يخل == بأني منه اليوم أو أنه مني 

كان ولد اعبيد الرحمن شاعرا، وله عدة مؤلفات في الفقه واللغة والتصوف ويعتبر كتابه (النفحات المسكية في السيرة البكية) من أهم مصادر حياة الشيخ أحمدو بمبا بما فيها منفاه وكراماته ...

وفيه قصائد نادرة له ألقاها بحضرة الشيخ أحمدو بمبا وأحيانا بطلب منه ...

من كتابنا : نقد الشعر الفصيح عند الشناقطة - ص 128

 

اثنين, 03/05/2021 - 15:45