نكتشف علماءنا بعدما تقتلهم إسرائيل.. ولكن لماذا لم نحميهم؟

عبد الستار قاسم

اعتدنا في الساحة العربية أن هناك عالما واحدا في كل بلد عربي وهو “أبو العريف”، الحاكم العربي الذي يعرف كل شيء ولا حاجة له لخبراء وعلماء. هو المعلم الأول والمنقذ الأوحد والقائد الأعظم، والعبقري الوحيد والرمز التاريخي الذي لا يذوب بالتقادم. لكن الصهاينة يفسدون علينا دائما ما اعتدنا عليها، ويقتلون منا من نصفهم بعد غيابهم بالعلماء. قتل الصهاينة علماء مصريين ولبنانيين وعراقيين وسوريين وفلسطينيين وجزائريين وتونسيين. ولم نكن نحن الشعب المهمل ندري أن لدينا علماء على كفاءة عالية ويمكن أن يشكلوا لنا مخرجا من الذل الذي نحن فيه. ربما كانت تدري السلطات الحاكمة بوجود هؤلاء العلماء، لكنها لم تكن تفتح أمامهم الإعلام والنشاطات الجماهيرية حتى لا يكون لأسمائهم ما قد يقلل من شأن الحاكم أبو العريف. العلماء أعداء العملاء، فكيف بالجاهل الذي يقبض على العصا أن يتقبل عالما يقبض على الجمر. هذا تسوقه شهواته وجهله، وذاك تقوده معارفه وغيرته على الوطن. علماؤنا مهملون تماما كشعوبهم، ولا يجدون الرعاية الكافية بخاصة من الناحية الأمنية. أنظمة العرب لا تتخذ الاحتياطات والإجراءات المناسبة لضمان أمن العلماء والخبراء ، وسرعان ما يضيعون في تيه المخابرات الصهيونية التي تسارع دائما إلى رصد العلماء وتحركاتهم وعاداتهم والأماكن التي يترددون عليها، وأماكن عملهم وأصدقائهم، ومواعيد خروجهم ودخولهم وعلاقاتهم الداخلية والخارجية وحتى أنواع الطعام التي يفضلونها، وأقات نومهم وصحوهم واهتماماتهم الثقافية والفكرية وعاداتهم في مشاهدة التلفاز والاستماع إلى المطربين وأصحاب الفنون، الخ.

ربما يقول أحدهم إن الأنظمة لا تضع حراسات على العلماء حتى لا تلفت النظر إليهم فتطالهم أيدي الغدر. ولو كانوا صادقين لسخّروا مخابراتهم لخدمة الأمن الوطني وليس أمن النظام، ولأقاموا مختلف الإجراءات التي تحول دون اصطيادهم دون عرقلة حياتهم الاعتيادية. مشكلتنا أن بلادنا العربية عبارة عن كف مفتوح أمام المخابرات الصهيونية، والصهاينة تمكنوا مع الزمن من تجنيد العديد من العرب في كل قطر عربي للعمل لصالحهم ونقل كل ما يتوفر من معلومات لديهم إليهم، ومن المحتمل جدا أن أبو العريف نفسه يعمل مع الموساد. بلادنا ينخرها الموساد، والموساد يجد دائما ضعاف نفوس يقدمون خدمات أمنية للصهاينة. ولم يكن للنفوس أن تكون بهذا الضعف لولا ممارسات الأنظمة العربية القمعية التي ولدت في النهاية تفضيل خدمة الأعداء على المحافظة على الأوطان. الأنظمة العربية أجرمت بحق الشعوب وضربت عمق الوعي العربي بالانتماء وسحقت الرغبة في التضحية من أجل الوطن. لقد حشرت الأنظمة الناس في زاوية الهروب من الذات والاستهتار بالأوطان وسكانها.

رأي اليوم 

جمعة, 10/08/2018 - 10:37