العائلة الإبراهيمية في ‏ميزان القرآن

أبو طارق محمد بن الشيخ

بما أن فكرة البيت الإبراهيمي بدعة جديدة ومحدثة طارئة، وقد أمرنا ربنا سبحانه برد كل ما اختلفنا فيه إلى محكم الكتاب وصحيح السنة، قال الله سبحانه: (فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ...)، فهيا بنا إلى تطبيق هذا الأمر الرباني على موضى التبرهم الصهيوني الإماراتي، لنستكنه الحق ونستجلي الصواب.

يقول الإبراهميون إنه تجب مسالمة العدو الصهيوني واسترجاع القدس منهم بالتراضي ويقول الحق جل في علاه: (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ).

ويدعون إلى مسالمتهم وإذابة الحساسيات والحواجز بيننا وبينهم، ويقول الباري تعالى وتعاظم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).

ويدعو المتبرهمون إلى اعتبار الأديان الثلاثة ملة واحدة فيرد خالقنا الأعلى وبارؤنا العظيم: (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

ويقول الإبراهميون إن خليل الله إبراهيم عليه السلام مرجع مشترك بيننا معاشر المسلمين وبين اليهود والنصارى، ويقول ربنا تعاظم: (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَٰكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ).

ويزعمون أن مهزلة الحوار الحضاري والتواصل بين الأديان قد يطفئ الحروب ويحل السلام، ويقول مالك الملك ذو الجبروت دام ملكه وعز سلطانه: (وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۗ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ).

ويقول المتبرهمون إن انتسابهم العرقي جميعا إلى إبراهيم معول عليه في فتح بوابات الخير الدنيوي والأخروي، ويدحض الحق جل وعلا تلك المزاعم السرابية والأماني الوهمية إذ يقول تقدست أسماؤه: (وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ).

ويستدل المتبرهمون على دخول اليهود والنصارى تحت دائرة  الإيمان بقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ).

ولعل بريق الدرهم الإماراتي وأناقة الشيكل الصهيوني استعجلا مهندسي البناية الإبراهيمية عن استحضار الشرط الوارد في ختام الآية الكريمة وهو قوله تعالى: (من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا)، حيث أجمع الفقهاء والعقديون باستثناء المتبرهمين منهم على أن الإيمان وحدة لا تتجزأ، والقوم كانوا حتى كتابة هذه السطور غير مؤمنين بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم ولم يعملوا صالحا، لأن تعريف العمل الصالح عند جميع فقهاء الملة أنه النسك الموافق للهدي القويم والصراط المستقيم الذي أتى به خاتم المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم.

والمفارقة العجيبة المؤسفة أن يثبت فقهاء العائلة الإبراهيمية لشركائهم الكفرة فيها من الخير والإيمان ما نفاه عنهم ‏رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة المتواترة  عنه والتي نقتصر منها على حديث أبي هريرة عند مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لا يَسْمَعُ بي أحَدٌ مِن هذِه الأُمَّةِ لا يَهُودِيٌّ، ولا نَصْرانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ ولَمْ يُؤْمِنْ بالَّذِي أُرْسِلْتُ به، إلَّا كانَ مِن أصْحابِ النَّارِ).

خميس, 20/05/2021 - 11:48