وزارة التنمية الريفية..أزمة الحصاد والحاصدات

المشري محمد المختار الرباني

مهاترات حصاد الحملة الصيفية 2020- 2021 لزراعة الأرز المروية الذي من المفترض أن يبدأ الشهر المقبل (10 يونيو 2021)

ساهم مبلغ التعويض والدعم السخي (2 مليار ونصف أوقية قديمة) الذي قدمه فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني للمزارعين في تجاوز أزمة فساد جزء من محصول الأرز للحملة الصيفية 2019- 2020. وهي أول مرة تقوم فيها الدولة بالتعويض بهذا المبلغ الضخم عن الأخطار السماوية. 

وقد كان قرار التعويض والدعم للمزارعين مناسبا.. نظرا لاعتبار الموجة الأولى المفاجئة والصادمة من جائحة كوفيد- 19، وما صاحبها من حجر صحي، وإغلاق للحدود. خاصة مع اعتمادنا في عملية الحصاد على حاصدات الجارة الجنوبية واعتمادنا على اليد العاملة القادمة منها في عملية الحصاد اليدوي. مما تسبب في أزمة فساد جزء من محصول الأرز نتيجة غمر المزارع بمياه الأمطار.

بعد الوعود باستيراد 120 حاصدة التي قدمها معالي الوزير ادي ولد الزين على خلفية فساد حوالي 11 ألف هكتار من محصول الأرز الاستراتيجي العام الماضي، تمت زراعة 27.000 هكتار في الحملة الصيفية الجارية. 

وقد ساهم أيضا في الإقبال على زراعة الحملة الصيفية الجارية قرار رئيس الجمهورية دعم جميع المزارعين لأول مرة بالمدخلات الزراعية. وهو القرار الذي كان من المفترض أن يطبق الحملة الخريفية الماضية. وهو ما يعني دعم المزارعين بحوالي 2 مليار أوقية قديمة بعد أن كان مقتصرا على المتضررين فقط. ( قرار التعويض والدعم: 8 أغست 2020)

هكذا يتنبأ المزارعين بوفرة محصول الأرز لهذه السنة بعد دخول المحصول في مرحلة التسنبل واقتراب توقف عملية الري وبداية صرف المياه عن المزارع إيذانا بمرحلة الحصاد.

فماذا يدور حول عملية الحصاد المرتقبة وماذا عن توفر الحاصدات؟

أولا: بداية مارس 2021 تم تسريب معلومات عن إلغاء صفقة استيراد 120 حاصدة، وذلك بالتزامن مع ما يفترض أنه تقارير داخليه قدمت للسلطات العليا للبلد استاءت على إثرها من طريقة تسيير معالي الوزير ادي ولد الزين لقطاع التنمية الريفية.

ثانيا: حدث هذا مع العلم أنه لم يتم أي تعيين في وزارة التنمية الريفية منذ مجيء ادي ولد الزين عدى تعيين الأمينة العامة المشهود لها بالكفاءة، زينب منت احمدناه، بتاريخ: 6 فبراير 2020 عقب زيارة رئيس الجمهورية لعاصمة الزراعة 27 يناير 2020، مما يضع أكثر من علامة استفهام على هذا الوضع، رغم أن الوزارة تعج بالشعراء والأدباء على لسان الوزير عبر التلفزيون الرسمي.

ثالثا: وسط ضبابية الصورة والقلق بشأن الحصاد، وعدم تمكن جميع الروابط والاتحادات الزراعية من لقاء وزير التنمية الريفية اضطرت الاتحادية الوطنية للزراعة للجوء إلى الاتحاد الوطني لأرباب العمل الموريتانيين التي هي عضو فيه. فقام وفد رفيع المستوى من الاتحادية الوطنية للزراعة بزيارة لنواكشوط التقى خلالها رئيس الاتحاد الوطني لأرباب العمل الموريتانيين زين العابدين ولد الشيخ أحمد، بتاريخ: 15 مارس 2021 لتدارس أوضاع القطاع الزراعي بشكل عام ووضعية الحصاد بصفة خاصة. 

وفي "الاخطار" الذي تم نشره على مجموعة "صوت المزارع" و مجموعة "الزراعة تجمعنا" عن فحوى اللقاء تم تأكيد إلغاء صفقة استيراد 120 حاصدة بسبب ما قيل إنه بعض "الهفوات الفنية".

وقد تعهد رئيس الاتحاد الوطني لأرباب العمل الموريتاني باستيراد 36 حاصدة قبل بداية موسم الحصاد.

رابعا: قام رئيس الاتحاد الوطني لأرباب العمل الموريتانيين بتاريخ: 11 إبريل 2021 بزيارة ميدانية لعاصمة الزراعة روصو للاطلاع عن قرب على مشاكل المزارعين ونقلها للسلطات العليا للبلد. وتم نشر وقائع الزيارة على موقع وصفحة الوكالة الموريتانية للأنباء. وتم خلال الزيارة لملمة شمل المزارعين تحت راية الاتحاد.

خامسا: بتاريخ: 11 مايو 2021 نشرت بعض المواقع الاخبارية المستقلة مقتطفات من بيان لوزارة التنمية الريفية "حول الاستعداد لموسم حصاد الأرز". وتحدث البيان عن لقاء في مباني الوزارة بين وزير التنمية الريفية وممثلين عن ملاك ومستوردي الحاصدات الزراعية. لكن لم يتم تغطية الاجتماع من طرف الإعلام الرسمي ولم يتم نشر البيان على موقع الوكالة الموريتانية للأنباء وكذلك لم يتم نشره على صفحة وزارة التنمية الريفية الرسمية. 

وقد تضمن البيان الكثير من المغالطات نجملها في ما يلي: 

1- تحدث البيان المذكور عن تسجيل دخول 68 حاصدة من تاريخ: 27 يوليو 2020، وكذلك عن 16 حاصدة توجد الآن في الميناء. وهنا كانت المغالطة الكبيرة الأولى فهذه الحاصدات تم استيرادها من طرف أفراد خصوصيين ومؤسسات خصوصية ولا دخل للوزارة بها من قريب ولا من بعيد (اللائحة المرفقة).

2- ذكر البيان أن 40 حاصدة من المتوقع أن تصل 30 مايو الجاري. وكانت هذه المغالطة الكبيرة الثانية. فما علاقة وزارة التنمية الريفية بحاصدات تم التعهد باستيرادها من طرف الاتحاد الوطني لأرباب العمل الموريتاني كما ذكرنا في التفاصيل آنفا.

3- ذكر البيان أن وزير التنمية الريفية سيؤدي زيارة ميدانية يوم السبت الموافق 22 مايو الجاري للوقوف على حالة الحاصدات الزراعية والظروف الموجودة فيها. وكانت هذه المغالطة الكبيرة الثالثة فماذا سيستفيد المزارعين من زيارة الوزير للاطلاع على آليات موجودة في حظائرهم ودفعوا ثمنها من جيوبهم.

4- تحضيرا للزيارة التي ذكر البيان يوجد الآن المكلف بمهمة امم ولد احماه الله في روصو. وحسب المزارعين فإن المكلف بمهمة يقوم بجولات مضنية بينهم من أجل جمع ما لديهم من حاصدات مهما كانت وضعيتها من الناحية الفنية، وحتى لو تم قطرها من أجل حشرها في حظيرة كبيرة تمهيدا لزيارة وزير التنمية الريفية لتصويرها في وسائل الإعلام. وهذه هي المغالطة الكبيرة الرابعة، فماذا سيستفيد المزارعين من الزوبعات الإعلامية لعمليات انطلاق الحصاد الوهمية بإشراف من وزير خدعهم بصفقة استيراد 120 حاصدة.

وخلاصة الموضوع أن وزارة التنمية الريفية بميزانيتها البالغة 32 مليار أوقية قديمة لم تقدم لمزارعي زراعة الأرز المروية سوى الوعود العرقوبية، أو البيانات المضللة، فهي بحق الوزارة النائمة التي تغط في سبات عميق عن المصالح المنوطة بها.

ومع العلم أنه تم رفع الكثير المظالم في ما مضى من هذه المأمورية الحالية فإن الوزير ادي ولد الزين ظل يماطل طيلة 22 شهرا الماضية في تسوية ملف حملة الشهادات المزارعين بمزرعة امبورية النموذجية بسبب ارتباطه بالأموال المنهوبة من إيجار مزارعهم من طرف المدير السابق لمزرعة امبورية بالتنسيق مع مكلف بمهمة في الوزارة. 

وقد رفض المدير الحالي للمزرعة الاعتراف بتلك المبالغ وهو الذي قبِل استلام إدارة "امبورية"، بعد رفض المفتش في الوزارة الذي عين عليها قبله استلام إدارتها طيلة 33 يوما، نظرا لعلمه بخطورة التجاوزات التي وقعت على حملة الشهادات المزارعين. 

إن هذه الأساليب البائدة لتسيير الشأن العام، ومحاولة تصحيح الأخطاء الفادحة بأساليب هياكل تهذيب الجماهير لم تعد تجدي نفعا في عصر الثورة الرقمية وسلطة وسائط التواصل. وإنما هي من قبيل رقصة الديك المذبوح. 

لقد تم منح حكومتنا الموقرة كافة الصلاحيات ووفرت لها جميع الوسائل والموارد وهي الآن قاب قوسين أو أدنى من لحظة الحساب التي لا مفر منها. 

وأملنا كبير في فخامة رئيس الجمهورية بالوفاء بوعده أمام الشعب الموريتاني وذلك بقوله "أن موارد البلد محدودة والشعب بحاجة ماسة لها ويطمئننا أنه لن يتعاطف مع الفساد ولا مع المفسدين".

سبت, 22/05/2021 - 13:28