الكذب!

خالد الفاظل

أوائل 2020 حكى لي أحدهم قصة عادية، وفي 2021 حكى لي قصة أخرى عادية أيضا. لكنني اكتشفت من خلال التدفق السردي لمعطيات القصة الثانية أن القصة الأولى لا أساس لها من الصحة! وبالرغم من أن عمق القصتين غير ملفت للانتباه وأزهر مع تراكم الأحاديث، إلا أن ذاكرتي لم تستطع أن تفوت التناقض بينهما. وبالرغم من أن الرواي شاب محترم ولبق إلا إن تلك الكذبة الصغيرة والمطمورة بأعماق السرد جعلت شيئا في تلك المعرفة الناشِئة ينهار ويمنعها من التطور.

الكذب من الأشياء التي يصعب التعايش معها. بالرغم من أنه أصبح عاديا في زمننا ويخلق الكثير من المزايا الشبيهة غالبا بصلاحية علب الحليب القصيرة المدة. وأخطر ما في الأمر أن المجتمع أصبح أكثر تقبلاً للكذب وصنَّاعه. والكذب هو السماد الذي يجعل الشرور تنمو، والرسول صلى الله عليه وسلم شدد على اجتنابه. إلا أنه أصبح لدينا شيئا عاديا وروتينيا ولا يحط من قيمة الشخص في سلالم المجتمع. بالعكس؛ أصبح الإنسان الصادق هو أكثر شخص يخسر الفُرص والمزايا والجاذبية التي تتأتى بسرعة مع التلميع المزيف.

على كل حال؛ يقول المثل الحساني: " الكذبة لولة تملَ مزود يغير الثانية ما أدير فيه شي ". 

ختاما. هناك نمط من التربية يجعل الأطفال أكثر تقبلا للكذب للأسف وهو "التخزية". كأن تقول للطفل سأشتري لك الحلوى عندما تتوقف عن البكاء، وعندما يتوقف لا تشتري له شيئا. أو تخدعه ليصبح أكثر تقبلا لأمر ما. وهنا ينمو الطفل معتقدا بأن الكلمات مجرد لعبة صوتية نطوعها لمصلحتها الآنية..
الكذب هو الخام الذي يصنع منه النفاق وجميع الآثام والوعود والعهود الغارقة في السراب. وفي الحديث الشريف:

(( وإِيَّاكُمْ والْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، ومَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ ويَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا )).
 

سبت, 29/05/2021 - 10:59