في حارتنا "إكس"

 الشيخ ولد المامي

لاشك أنه من نكد الدنيا على المرء أن يطارد شبحا؛ ومن سعادته أن يكون عدوه معلوم الكينونة والمكان.

وبما أن رحمة الله بعباده اقتضت أن تحويَ نقمه في باطنها النعم، فقد اصطفى من عباده مَن منحهم قوة شكيمة ترغم مناوئيهم على لعب دور "طيور الظلام" مخافة "ضر" أو ابتغاء "نفع" فلاهم أُسد واقفون في سُوح النزال تحت الشمس، ولاهم أعلام معروفون، أو حتى كائنات محسوسة، بل مجرد أشباح لا يعرف لهم اسم، ولا يحدهم مكان، بل اختاروا من "المجهول" اسما، ومن الجهوية وسما، ومن التجني جسما، ومن الإزدواجية رسما.

من ضمن أجنحة المواخير في "الأستانة" -حسب ما نشرته مجلة (paparazzi )- يوجد جناح خاص بفئة (لي بسيكوبات)، وهي فئة تتكيف من لسع الهروات على القفا، ويجدون متعتهم في ذلك، ولا غرابة أن يكون لهم جناح محلي، فما من "تنظيم" خارجي إلا وله بذرة أو "جناح" في الداخل. 

ولا غرابة أن تجد من بين هؤلاء في زمن "العهد" والتصالح والإنفتاح، من حن لهراوات العصور الخالية، فكما يقال : (الكيف عبودية) ، لكن صاحب الخطيئة، جبل على التبرير، حتى ولو كانت مبرراته، على مذهب(توحيد خادم ولد بونه).

اقتنص مدمن الهراوات فرصة مناسبة إنسانية حلت بشخص له رمزيته السابقة، وجامله فيها الكثيرون حسبما تمليه الأعراف والأديان، ليجد فيها تبريرا لتعاطي الهروات الذي ابتلي بمعاقرته، مقلدا مذهب "كرفاف" يوم أحس ب (التينيك) ولم يجد في المتناول غير صفيف أمه (يمَّ عينك كيف عين النعجه...).

تناول الشّبح المدمن، جوانب من واقع الحال في بلد تسلمه قائده (على الحديدة) وعبر به عُباب جائحة "سيّبت مفاصل" الدول العظمى، بأقل خسارة ممكنة، ويومها أحس الضعيف أن لديه من يحس به، أما صاحب الأغراض والأجندات،  فقد أحس أن هناك من يقف في وجهه.

حن الشبح المدمن لأيام الدائرة الضيقة، وسمى توزيع الثروة بالفساد، على طريقة تسمية الجاهل للزبدة ب(الخندرية)، فولغ في الاتهامات، واضجع في مراقد الإجحاف، عل وعسى أن يجد مبررا لكلام مُرسَل تكذبه المعطيات، وتفنده الحسابات، ويرده الواقع، ويتجاهله السامع، ولا تُدرَك حقيقته بالأبصار ، شأن كاتبه باختصار. 

وفي تجسيد لقول أبي الطيب، (طوال قنا تطاعنها قصار) فاضل الشبح بين محسوس وغير مدرك، فحكم لغير المدرك بالحس، وهو أمر وارد ف(طيور الظلام) على أشكالها تقع، ومن غير المنطقي أن نتوقع عكس ذلك؛ فالتاريخ يحكم، وإخراج فاسدين من سلسلسة(رموز الفساد) على أسس جهوية أو قبلية، أو أيديولوجية، لم يزل عالقا بالاذهان، ولم تستطع لاعبات الشمال خلال العقد الماضي أن تنسف آثاره.

أعاد الشبح المدمن، تكرار أسطوانة مشروخة ماسخة، يظن مرددوها أنها يمكن أن تنال من هيبة ربان "العهد" الحالي، ونسي أنه لولا هيبته لما لجأ مناوءوه للعب دور الأشباح،  ولخلعو "الحُجب"  وكشفوا عن وجوه عليها غبرة ترهقها قترة، لكن قوة شكيمة الربان أرغمتهم على التخفي، حين يمارسون جنحة القذف في حق أصحاب الحق.

الأمر الوحيد الذي غاب عن الشبح المدمن، هو أن الربان كلما جنى أحد الأشباح، انشد مع أبي الطيب:

وفيك إذا جنى الجاني أناة

             تظن كرامة وهي احتقار.

 

إلى اللقاء

أربعاء, 16/06/2021 - 13:08