قراءة في القانون 93\037 المتعلق بالمخدرات والمؤثرات العقلية

لارباس محمد صمب العبد

لعله من المفيد قبل التعرض لما جاء في القانون رقم: 93 037،  الصادر بتاريخ 20 يوليو 1993،  أن نعرف المخدرات في اللغة تعرف بالسترة، والظلمة، والفتور وخدر العضو إذا استرخي فلا يطيق الحركة.
أما علميا فتعرف بأنها مادة كيميائية تسبب النعاس أو النوم أو غياب الوعي المصحوب بتسكين الألم.

وفي القانون تعرف بأنها مجموعة من المواد تسبب الإدمان وتسمم الجهاز العصبي ويحظر تداولها ،أو زراعتها أو تصنيعها إلا لأغراض يحددها القانون(*).

 لقد كان المشرع واعيا بخطورة آفة العصر على المجتمع بتشديده العقوبة على تهريب المخدرات والمؤثرات العقلية حيث نص على أنه : 
يعاقب بالسجن من 15 إلى 30سنة وبغرامة ماليةتتراوح من 10ملايين إلى مائة مليون كل من يقوم بإنتاج المخدرات أو زراعتها أواستخراجها أو تصنيعها أو تحويلها وفي حالة العود يطبق حد القتل.

ويعاقب مهرب المخدرات ذات الخطر البالغ بالسجن من 15 إلى 30 سنة وبغرامة مالية من 10إلى 100مليون وفي حالة العود يطبق حد القتل .

كما يعاقب بالسجن من سنتين إلى عشر سنوات  وبغرامة مالية من مائتين ألف  إلى مليون أوقية:
١-كل من سهل للغير استعمال مواد أو نباتات مصنفة كمخدر ذو خطر بالغ  سواء كان ذلك مجانا أو بمقابل  أو وفر لهذا الغرض مكانا،أوسخر له وسيلة، وكذلك المالكون والمسيرون ومديري الفنادق والمقاهي ،والنوادي ..الذين يتغاضون عن استعمال المخدرات داخل مؤسساتهم.
٢ كل من حرر عن قصد وصفة طبية على وجه المجاملة.
٣ كل من حصل أو حاول الحصول على هذه المواد أو النباتات على أساس وصفات طبية مموهة.

كما يعاقب بالسجن من سنتين إلى عشر سنوات وبغرامة مالية من 200.000 إلى 1000.000.كل من أغرى بأي طريقة كانت على استخدام مواد أو نباتات لها مفعول المخدرات بالغة الخطورة.

ولم يهمل المشرع معاقبة المتمالئين مع مرتكبي جريمة المخدرات  حيث افرد لهم عقوبة السجن من عشر سنوات إلى عشرين سنة وغرامة مالية من 100.000 إلى 1000.000 أوقية.

ولقد عاقب المشرع محاولة ارتكاب  الجرائم آنفة الذكر بالسجن من 5سنوات إلى 10 سنوات وبغرامة مالية من مليونين إلى عشر ملايين أوقية قديمة،
وفي حالة السوابق تتضاعف العقوبات.
 كما تتضاعف العقوبات الواردة في هذا القانون في الحالات التالية: 
١-إذا ارتكبت الجريمة في إطار جمعية مجرمين تمارس نشاطات إجرامية منظمة.
٢-إذا استخدم العنف والسلاح من قبل مرتكبي الجريمة
3-إذا أدت المخدرات المستعملة إلى الموت.
4-إذا كان مرتكبي الجريمة يزاول مسؤولية عمومية وكانت الجريمة مرتبطة بهذه المسؤولية.
5-إذا ارتكب الجريمةشخص يعهد إليه بمكافحة المخدرات....
٦-إذا تم في هذه العملية استغلال قاصر، أو أعطيت المخدرات لقاصرين ، أو لمعوقين عقليا أو أشخاص في حالة علاج من التسمم أو سلمت في مؤسسات دينية أو تعليمية،أو عسكرية أو داخل السجون.

ولقد أقر المشرع عقوبات إضافية وتكميلية كنوع من حماية المجتمع من ضررهم تتجلى في:
الحرمان من الحقوق المدنية من سنتين إلى عشر سنوات
و منع الخروج من التراب الوطني ، وتعليق رخصة القيادة وكذا المنع من مزاولة المهنة.

وعاقب المشرع بالسجن  من خمس إلى عشر سنوات وبغرامة مالية من 50.000إلى 500.000 كل من قام لأغراض غير شرعية  بإنتاج المواد الوسيطة أو تحضيرها ، أو تصنيعها ،أو تصديرها ،أو نقلها، أو عرضها أو إرسالها بالبريد أو عن طريق العبور أو اقتنائها ....
وحظر كذلك تعاطي المخدرات خارج الوصفات الطبية بغض النظر عن كونه فرديا أو جماعيا بالمناسبة أو بالاعتياد ومهما كانت الوسيلة المستخدمة.

وبالنظر لخطورة تعاطي المخدرات و المؤثرات العقلية على الفرد والمجتمع كان حريا بالمشرع افراد عقوبات أكثر ردعا للمتعاطين حيث اكتفى بعقوبة سنتين كحد أقصى وبغرامة مالية من 50000 إلى 100000 أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل من يتعاطى بصورة غير شرعية المخدرات والمؤثرات العقلية.

لكن لتطبيق هذه العقوبة يشترط ١-ان يثبت الفحص تعاطي المتهم للمخدرات
٢-أن لا يكون المتهم قد استجاب للعلاج بصورة طوعية.

وفي سبيل الإحاطة بأبعاد الظاهرة بغية محاصرتها و إعادة تأهيل المتعاطين للحياة النشطة أفرادا منتجين في المجتمع  أقر المشرع في الماة 41 إجبارية العلاجات البديلة للمتعاطين، كما ألزم بخضوعه للرعاية الصحية للمعني حيث يشعر وكيل الجمهورية  السلطات الصحية بالكشف الصحي عن المعني وحين يثبت الفحص الطبي تعاطيه لتلك السموم  فعلى السلطات الصحية أن تأمره بالإلتحاق بمؤسسة معتمدة لمتابعة العلاج ونحن نرى أن غياب مؤسسات للرعاية الصحية بهؤلاء ثغرة أفرزت لنا هذا الواقع المأساوى من حيث عدم علاج المتعاطين وانتشار الإدمان في صفوف الشباب.

إن سعي المشرع لتخلص المدمنين من آفة المخدرات والمؤثرات العقلية وإعادة دمجهم في المجتمع أمر لا ريب فيه إذيستشف من إسقاطه للدعوى العمومية ضد الأشخاص الذين انصاعوا للعلاج الطبي و تابعوه حتى النهاية.

كما يظهر ذلك بشكل جلي من خلال خاصية العلاج التلقائي حيث لا تمارس الدعوى العمومية ضد الأشخاص الذين تعاطوا بشكل غير مشروع المواد المخدرة إذا ثبت أنهم خضعوا بنجاح للعلاج في مؤسسة طبية تعنى بعلاج الإدمان.

وصفوة القول عندنا في هذا المقام أنه يتعين مراجعة هذا القانون ، وتشديد عقوبة المتعاطين مع فتح مراكز لمعالجة الإدمان والمؤثرات العقلية في عواصم ولايات الجمهورية واستفادتهم التلقائية فور انتهاء فترة العلاج من تكوين مهني ناجع، وتمويل مشاريع مدرة للدخل لهذه الفئة.

 ذلك أن إعادة تأهيل شبابنا، وتخليصهم من الإدمان يستحق الإنفاق، والرعاية ونحن نزعم أنه بذلك ستنخفض معدلات الجريمة ، ويستفيد الوطن من طاقات شباب تركوا لعقود على ناصية الإهمال والفراغ.

_______

(*) القاضي محمد أحمد الشيخ سيديا ، محاضرة حول المخدرات،المدرسة الوطنية للإدارة، شعبة المستشارين القانونيين السنة الدراسية 2020 2021

ثلاثاء, 22/06/2021 - 16:42