قمة عدم الثقة أم إذابة الجليد بين بايدن وبوتين

أماني القرم

دائما تتطلع أنظار العالم الى لقاء القمة الذي يعقد بين العدوين التقليديين: رئيس الولايات المتحدة والرئيس الروسي، فما ينتج عنها لا يتعلق فقط  بالعلاقة بينهما فحسب ، وإنما يمتد ليؤثر على العالم أجمع اقتصاديا وسياسيا .. ولم يشفع انتهاء الحرب الباردة لتأسيس علاقات مستقرة بين البيت الأبيض والكرملين ، فقد بقيت العلاقات تدور في خطوط متقاطعة .. قليلا ما تتقدم للامام وكثيراً ما تتراجع بحدة الى الوراء. بحيث يمكن القول أن “عدم الثقة” هي السمة الأبرز بين الطرفين .
في قراءة أولية لنتائج قمة بايدن / بوتين التي عقدت قبل ايام، يتضح أن ما تمخّضت عنه لم يكن زيادة عن المتوقع  وربما أقل منه ، ويعود ذلك الى سببين:
اولا: الظروف التي عقدت فيها القمة: حيث جاءت في وقت وصلت فيه العلاقات الى أدني مستوياتها دبلوماسيا وسياسيا . فالقضايا الخلافية بين الطرفين حساسة ومتشعبة  ووجهات النظر لديهما متباينة . لعل أبرزها : الهجوم السيبراني الروسي أو القرصنة الالكترونية  والتي تتعلق بالاتهامات الامريكية لروسيا بالتدخل  في الانتخابات الرئاسية عامي  2016 و2020 ،  والهجوم السيبراني على بعض الشركات الحيوية مثل شركة اللحوم البرازيلية وأكبر خط لنقل الوقود في الولايات المتحدة مما تسبب في حالة من الطوارئ في الولايات المتحدة، وزعمت التحقيقات الأمريكية بان مجموعة قرصنة روسية هي من قامت بهذه الاعمال.. وعلى الرغم من نفي الكرملين هذه الادعاءات إلا أن العلاقة مع روسيا  باتت قضية داخلية في الولايات المتحدة. هذا بالاضافة الى قلق امريكي متزايد لتوسع دائرة النفوذ الروسي في الاعوام الأخيرة في الشرق الأوسط وتحديدا سوريا وليبيا،  والتقارب الروسي/ الصيني من جهة والروسي/ الايراني من جهة أخرى.
ثانيا: غياب الود بين الزعيمين .  كل من بايدن وبوتين مسكون بالخبرة التاريخية لطبيعة العلاقة التنافسية بين بلديهما ، وكلاهما خبير بالآخر وملم بتفاصيل الخلافات والازمات  ومنحى السلوك ومعرفة بالقدرات والحدود.   فالرئيس الامريكي العجوز  شاهد على الحرب الباردة وتحولات الاتحاد السوفيتي  بحكم خبرته الطويلة في دهاليز السياسة الامريكية، والرئيس بوتين  تمترس في الحكم  بشخصية حديدية في الحكم  منذ العام 1999 ورغبة ملحة في عودة روسيا كقوة عظمى وتوسيع نفوذها العالمي، واعتبر أن انهيار الاتحاد السوفيتي هو أكبر خطأ جيواستراتيجي على الاطلاق.  وعليه فقد تعاقب أمامه اربع رؤساء امريكيين ( كلينتون، بوش الابن، أوباما، وترامب) .  وتتميز علاقة بايدن / بوتين منذ ان كان الاول نائبا للرئيس اوباما  بعقد من التصريحات الحادة والحذرة في أحسن الاوقات .  ولأن الديمقراطيين في الولايات المتحدة يتمسكون دوما بمسألة حقوق الانسان كورقة ضغط أو وسيلة لإدانة الأعداء، فقد بدأت ادارة بايدن حقبتها بهجوم ناري وعقوبات على روسيا في هذا الملف خاصة بعد اعتقال المعارض الروسي أليكسي نافالني ، ووصف بوتين من قبل بايدن بأنه قاتل.!
عموما ، رغم الابتسامات واللغة الدبلوماسية في وصف القمة من قبل الزعيمين بأنها بناءة خالية من اللهجة العدائية والاتفاق على عودة السفراء واطلاق ما سمي بالحوار الاستراتيجي ( وهو مصطلح فضفاض يمكن أن يشمل كل شيء أو لا شيء) يبقى مسار العلاقات بين البلدين في غموض، خاصة فيما يتعلق بالقضايا السياسية وفي الرؤية الأمريكية لشكل “العدو” أو “الشريك” الروسي، وإن أبرزت رغبة مشتركة لدى كل طرف في وقف تدهور العلاقات ولو في حدودها الدنيا.

رأي اليوم 

أربعاء, 23/06/2021 - 08:32