أفغانستان: طالبان على أبواب كابول والرئيس غني يدعو للتعبئة ويبحث عن "حل سياسي"

أعلن الرئيس الأفغاني أشرف غني السبت في خطاب إلى الأمة، عن "مشاورات" داخل الحكومة ومع الشركاء الدوليين، بدأت لإيجاد حل سياسي سريع يضمن "السلام والاستقرار" في أفغانستان، داعيا في الوقت نفسه إلى إعادة تعبئة القوات المسلحة.

 

وقال غني "بدأت المشاورات" وهي "تتقدم بسرعة" داخل الحكومة مع المسؤولين السياسيين والشركاء الدوليين لإيجاد "حل سياسي يضمن توفير السلام والاستقرار للشعب الأفغاني"، لافتا إلى أن "إعادة تعبئة قواتنا الأمنية والدفاعية هي أولويتنا الأولى".

 

ولم يلمح غني إلى أنه سيستقيل أو يتحمل مسؤولية الوضع الحالي، لكنه قال وقد بدا عليه الحزن وهو يجلس أمام العلم الأفغاني "كمهمة تاريخية، لن أدع الحرب المفروضة على الشعب تتسبب بمقتل مزيد من الأبرياء وبضياع المنجزات التي تحققت خلال هذه السنوات العشرين، وتدمير المعدات العامة واستمرار عدم  الاستقرار".

 

وأضاف الرئيس الأفغاني "لذلك، بدأت مشاورات مكثفة داخل الحكومة مع الشيوخ والقادة السياسيين وممثلي الشعب والشركاء الدوليين للتوصل إلى حل سياسي معقول ومؤكد يتوخى السلام والاستقرار للشعب الأفغاني".

 

وبعد سقوط ثاني وثالث كبرى مدن البلاد في أيدي طالبان، باتت كابول المحاصرة الموقع الأخير للقوات الحكومية التي لم تبد مقاومة تذكر أو لم تبد أي مقاومة في المناطق الأخرى. لكن غني أشاد بالقوات "التي دافعت عن الوطن بشجاعة وأظهرت عزما قويا".

معارك حول مزار شريف

 

وبسطت حركة طالبان السبت سيطرتها على المناطق المحيطة بالعاصمة الأفغانية كابول حيث يشعر سكانها ومن لجأوا إليها مع تقدم المتمردين بالخوف، بينما تستعد الولايات المتحدة ودول غربية أخرى لإجلاء رعاياها ودبلوماسييها.

 

وخلال أسبوع ونيف، سيطرت الحركة الإسلامية المتطرفة بالكامل تقريبا على شمال أفغانستان وغربها وجنوبها، ووصلت إلى أبواب كابول. وقد أصبحت على بعد 50 كيلومترا فقط عن العاصمة ولا تبدي أي مؤشر إلى رغبة في إبطاء تقدمها.

 

 

والسبت، تدور معارك عنيفة حول مزار شريف عاصمة ولاية بلخ حيث شن الجيش الأفغاني غارات جوية جديدة. هذا المفترق التجاري هو المدينة الرئيسية الوحيدة في شمال البلاد التي لم تسيطر عليها حركة طالبان بعد.

 

وإلى جانب كابول ومزار شريف، تبقى جلال أباد (شرق) وغارديز وخوست (جنوب شرق) المدن الرئيسية الوحيدة المتبقية تحت سيطرة الحكومة. لكن بما أنها تقع في منطقة يهيمن عليها البشتون، الإثنية التي تنتمي إليها طالبان، لا يتوقع أن تقاوم لفترة طويلة.

الرعب يخيم على كابول

 

ويشعر سكان كابول وعشرات الآلاف من الأشخاص الذين فروا إليها بعد مغادرة منازلهم في الأسابيع الأخيرة بالخوف. وقالت مزدة (35 عاما) التي وصلت إلى العاصمة مع شقيقتها من ولاية بروان شمالا، "أبكي في الليل والنهار عندما أرى طالبان تجبر الفتيات الصغيرات على الزواج من مقاتليها". وتابعت "رفضت عروض زواج في الماضي (...) إذا أجبرتني طالبان على الزواج منهم فسأنتحر".

 

بدوره، قال داود هوتاك (28 عاما) وهو تاجر من كابول إنه "قلق بشأن مستقبل" شقيقاته الصغيرات ولا يعرف "ماذا سيحدث لهن". وقال "إذا ساء الوضع حقا ، فسنغادر أفغانستان مرة أخرى كما فعلنا مطلع تسعينات" القرن الماضي.

 

ويخشى الكثير من الأفغان وخصوصا النساء، الذين اعتادوا على الحرية التي تمتعوا بها في السنوات العشرين الماضية، عودة طالبان إلى السلطة. فعندما حكمت البلاد بين 1996 و2001 قبل أن يطردها تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة من السلطة، فرضت طالبان رؤيتها المتطرفة للشريعة. ومُنعت النساء من الخروج بدون مرافق ذكر ومن العمل. كما مُنعت الفتيات من الذهاب إلى المدرسة. وتعرضت النساء المتهمات بجرائم مثل الزنا، للجلد والرجم. 

 

وصرح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس بأنه يشعر "بقلق عميق" إزاء روايات عن سوء معاملة النساء في مناطق استولت عليها حركة طالبان التي فرضت شكلا متشددا من الإسلام على أفغانستان خلال فترة حكمها من 1996 إلى 2001. وقال غوتيريس "إنه من المروع والمحزن أن نرى تقارير تشير إلى أن حقوق الفتيات والنساء الأفغانيات التي تم الحصول عليها بشق الأنفس تسقط".

 

إجلاء الأمريكيين من أفغانستان

وتحلق مروحيات ذهابا وإيابا في كابول السبت بين المطار الدولي والمجمع الدبلوماسي الأمريكي الواسع في المنطقة الخضراء التي تخضع لإجراءات حماية مشددة، بعد 46 عاما على إجلاء مروحيات الأمريكيين من سايغون في نهاية حرب فيتنام.

 

ووصلت كتيبة أولى من مشاة البحرية الأمريكية إلى العاصمة حيث سيكون دورها تأمين إجلاء الدبلوماسيين والأفغان الذين عملوا مع الولايات المتحدة والذين يخشون أعمالا انتقامية من جانب طالبان. 

 

وقال الناطق باسم وزارة الدفاع (البنتاغون) الجمعة إن الولايات المتحدة تعتزم إجلاء "آلاف الأشخاص يوميا"، لذلك سينشر البنتاغون قبل نهاية عطلة نهاية الأسبوع ثلاثة آلاف جندي في مطار العاصمة الأفغانية.

 

"لا تهديد وشيك لكابول"

وتلقى موظفو السفارة الأمريكية أوامر بإتلاف أو إحراق الوثائق الحساسة والرموز الأمريكية التي يمكن أن تستخدمها طالبان "لأغراض دعائية".

 

وأعلنت لندن في الوقت نفسه عن إعادة نشر 600 جندي لمساعدة البريطانيين على المغادرة. كما أفادت دول أوروبية هي بريطانيا وألمانيا والدانمارك وإسبانيا، الجمعة عن تقليص وجودها في أفغانستان إلى الحد الأدنى. كما أعلنت عن برامج لنقل موظفيها الأفغان.

 

وفضلت بلدان أخرى بينها النرويج والدانمارك إغلاق سفاراتها مؤقتا، بينما قالت سويسرا، التي ليس لديها سفارة هناك، إنها قررت سحب بعض الموظفين السويسريين ونحو أربعين موظفا محليا.

 

ورغم الجهود المحمومة لإجلاء الرعايا، تصر إدارة بايدن على أن سيطرة طالبان على البلاد بأكملها ليست حتمية. وقال المتحدث باسم البنتاغون الجمعة إن "كابول لا تواجه حاليا تهديدا وشيكا" لكنه أقر بأن مقاتلي طالبان "يحاولون عزل" المدينة. 

فرانس24/ أ ف ب

سبت, 14/08/2021 - 11:53