للإصلاح كلمة تهنئ أصحاب مبادرة إحياء المادة 6 من الدستور

 محمدّو بن البار

كلمة الإصلاح الآن تعلن بأعلى صوتها أن أول تهنئة مستحقة حق الاستحقاق هي تهنئة أصحاب هذه المبادرة لأنها تريد أن تحيي ما قتله رؤساء موريتانيا ووزراءهم ومدراء ورؤساء مصالح الدولة كلها، ومع ذلك يحتج بعض الرؤساء بمواد هذا الدستور علي حصانتهم، وهم من أشرس القاتلين لهذه المادة من الدستور.

واستحقاق هذه التهنئة يؤكده أنه "إحياء الميت من الحي" وتطهير الدستور من وجود "الجيفة" بين مواده، فالجثة طبعا نجسة لأن العلماء اتفقوا علي نجاسة "ما أبين من حي" أي كل حي طاهر ولكن إذا أبين أي أبعد منه جزء وهو حي فهذا الجزء يكون نجسا وهذا بالطبع هو الواقع للمادة 6 من الدستور الموريتاني.

ومن ما يؤسف له أن القاتل الأول المتعمد لهذا القتل هو الرؤساء الذين يقول الدستور أنهم هم خصوصا الحامين للدستور من الإهمال والقتل بمعني حاميها هو حراميها.

فهذه التهنئة موجهة للمواطن الأول دمب صو الرئيس لأول مبادرة تحيي هذه المادة.

وبناء علي هذه المقدمة فإني أنبه أصحاب المبادرة أن عليهم أن يبذلوا جهدا في هذا الحدث الشريف فعليهم إذا أن ينتبهوا أن المعارضين لمبادرتهم كثر ويتترسون بثلاث قضايا :

الأولي : أنهم رؤساء هذا القتل في كل مكتب من مكتب الرئيس إلي رؤساء المصالح ومديري الشرائك.

ثانيا : هم كثير منهم أمي لا يعرف العربية إلا أماني، وأمي هنا بمعني الكلمة لأن الأمي هو الذي ما زال لا يفهم إلا لغة أمه وهو كذلك بالنسبة للغة العربية، فجميع الموريتانيين بألوانهم كلها لا لغة لهم أم بعد لغة أمهم الأصيلة إلا العربية لأنها لغة دينهم ولغة آبائهم التي كانوا يتراسلون بها.

والدليل علي أميتهم أنهم في أيام معاوية الأولي عندما كان يريد الإصلاح العام للدولة قبل أن يرده من إلي الحضيض وطنية محاولة الانقلاب العنصري الجهنمي فنكص علي عقبه وقرر إفساد المنهج الدراسي للموريتانيين الذين كانت دراسة أبنائهم في الثانويات والجامعة هي امتداد لدراستهم الابتدائية وتوسعة لها، فأجادوا في ذلك وظهرت عبقريتهم في الاستيعاب لجميع المواد العلمية كما هي بلغة أمهاتهم، فأعادهم إلي لغة لا تساعد قراءتها  إلي فهم ما وراء قشور الألفاظ اللغوية دون عمق الموضوع.

ولذا إذا أخذنا الآن شابا ممن درس العلوم بلغته الأم حتى في الثانوية فقط يستطيع أن يكون أستاذا لخريجي الكليات من الفساد الجديد المفسد لإصلاح الثمانينات بفساد منهج التسعينات.

والآن أعود لإثبات أمية الرؤساء والوزراء والمديرين إلي آخره وحتى اليوم، فعند ما قرر معاوية أولا الإصلاح بالرجوع إلي تعليم اللغة العربية أنشأ إدارة لمحو الأمية عن الكبار الذين لم يتعلموا أًصلا، وأمر الأميين من وزرائه ومديريه إلي آخره بتعلم اللغة العربية، ونفس المقرر علي الأميين الكبار هو نفس المقرر علي الوزراء وأعضاء اللجنة العسكرية  قبل انتهاء اسمها هذا، إلا أن الأميين الأصليين يتعلمون في الفصول وأميي الدولة يتعلمون في منازلهم وفي وقت ومكان لا يسمع أولادهم محوهم لأميتهم.

فأقسم لكم بالله أن في بعضهم من قال لي زميلي عنه - وكان يدرسه - أنه لا يحسن كتابة اسمه بالعربية وهو وزير، فهناك حرف في اسمه عجز عن إلصاقه بالحرف الذي قبله فيرفع الحرف عن الاسم أو ينزل عنه.

هذه إحدى بوائق جهل العربية في مكان عربي والمبيقة الثانية أن أحد الوزراء كتب له خطابه العربي بالحروف اللاتينية وعندما أراد أن يقرأ الإنجازات نطق لفظ "ثانيا" بالزاء فضحك من يستطيع ذلك، وقال أحد الجالسين لضابط شرطة قضائية حاضرا لماذا لا تلق القبض علي الرجل بعد التلبس بإقرار بفعل الفاحشة أمام الجمهور؟.

ومن موبقات جهل المسؤولين للعربية أن رئيس المجلس الدستوري الحالي دشن خطاب افتتاح المقر الرسمي الحالي للمجلس الدستوري بضربة قاتلة لمادة منه هي المادة – 6- الضحية المستمرة كأنها أصبحت من سكان الآخرة الكافرين الذين لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون، فقرأ خطابه بالفرنسية مع كثرة زملائه العرب في المجلس الدستوري، فما أكثر موبقات هذا الجهل، وما أحر وقعها علي القلوب الحية من المواطنين، فهؤلاء الأميون يظنون دائما أن البذلة الأنيقة الفاخرة تستر سوآت الجهل المركب للثقافة الوطنية الروحية.

ومن المؤسف والمؤسف جدا أن العالم العربي يسمع أننا يقال لنا "بلاد المليون شاعر" لقب أطلقه علينا : العالم يوسف مقلد اللبناني ، وكتبه في كتابه عن موريتانيا، فهذا العالم كان موجودا في موريتانيا في أول الستينيات ومكث في غربها وصحب عباقرة اللغة العربية مثل المرحوم المختار بن حامد " ابن خلدون موريتانيا " النادر مثله في أي مكان، فمن لم يسمع منه مباشرة من الفصاحة العربية واستعمالها كما هي في جميع المناسبات رواه له عن أجيالها ومن جميع ولاياتها، ولذلك كتب مقلد أن هذا الجزء القصي من الشعوب العربية بقيت فيه العربية تفرح وتمرح علي رجلها وفي جميع أجزائها كما نطقها العرب الأقحاح.

فلو جاء يوسف مقلد آخر الآن ولم يلتق إلا برؤساء موريتانيا الأحياء والأموات ووزرائها وكبراء مديري شركاتها لكتب أننا " مليون أمي" إذا جاء يظننا دولة عربية بل يجدنا مليون فرنسي ومليون مسلوب الهوية حتى يأتي علي الملايين الأربعة.

ومن المؤسف كذلك أن حاملي شهادات الفرنسية علي ضعف في الثقافة أصبح تعيينهم في مناصبهم قتلا متعمدا مباشرا لما يمكن أن يكون داخل المكاتب من موظف عربي توظف توظيفا طائشا بسبب وساطة، ولكن بمجرد دخوله المكتب فسوف لا يري إلا أصحاب الكتابة علي الشمال والأجهزة الكاتبة كذلك إلي آخره، حتى ولو كانوا من الهيئات الدينية الذين لو استطاعوا أن يفرنسوا القرآن والحديث لفعلوا، فكم من موظف كبير الآن في موريتانيا وفي مكتبته نسخ القرآن بترجمة ركيكة لا تليق بكلام القائل :{{آنتم أشد خلقا أم السماء بناها رفع سمكها فسواها وأغطش ليلها وأخرج ضحاها والأرض بعد ذلك دحاها}} إلي آخر الآيات.

وقال في علاقة هذا القرآن بالعربية : {{حم والكتاب المبين إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون}}، {{وأنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم}} والجواب في موريتانيا أن لا عقل لنا يتعلق بالعربية.

ومن هنا أعود لأعضاء لجنة المبادرة لأؤكد لهم هذه القضايا :

أولا : سوف لا تجدون من يعينكم علي هذه المبادرة لأنها تمس البطون.

ثانيا : لا تنتظروا الإعانة ممن يسمون أنفسهم "قومية عربية" فتلك عندهم تنحصر في تقديس أشخاص بعينهم في الدنيا ولا يعرفون مصيرهم في الآخرة.

ثالثا : وكذلك من ينسبون أنفسهم للفكر الإسلامي فمن شردهم عن العمل بالوسطية المعتدلة هو نفسه الذي شردهم عن الاهتمام بأي لغة خاصة بالدين ولذا يكادون أن يترجموا فاتحة الكتاب في خطبهم.

ولكن سيروا علي بركة الله وفهم الصحابة للدين والعربية وعلي رأس ذلك تغيير المنهج الدراسي بكامله من الابتدائي إلي الجامعة تعيير يعم بالتساوي جميع الطبق الموريتاني ولا تروضوا دون ذلك.

أعانكم الله وسدد خطاكم وأيدكم بنصره.

 

خميس, 19/08/2021 - 09:40