مالي وفرنسا وفاغنير ونحن

أبو معتز محمد عبد الودود الجيلاني

حب الوطن من الإيمان،والإيمان لا يستدل عليه باللفظ،بل لا بد من اقترانه بالعمل الخالص.
كذلك من واجب الرعية تنبيه الحاكم على أخطائه،بالأسلوب اللائق بمكانته،مصحوبا بالدليل الذي يجعله يثمن ذلك التنبيه .
 لقد بدات أنامل بعض المُغوين،تداعب أوتار ٱلاتها في مقام الحروب،منذ أن تحدث رئيس الجمهورية في مقابلته مع صحيفة لوبنيون،عن احتمال لجوء السلطات في جمهورية إلى خدمات مرتزقة شركة فاغنر،مما يجعل محبي هذا البلد ينتبهون إلى تلك النغمات التي اصبحت تشكل نشازا اليوم،ويحاولون اسكاتها.
في الحالات المشابهة للحالة المالية،يجب تجنب فصل الأحداث عن سياقها،لأن ذلك سيقود لا محالة إلى الاتجاه الخطأ،سيجعل صاحبه يصطف في جهة دون أن يقصد ذلك أصلا ودون ان تكون الجهة الصواب.
ليس جديدا على المهتم بالوضع في منطقة الساحل،وخصوصا منذ دخول القوات الفرنسية ،من خلال عملية سرفال وحتى اليوم مع برخان،تذمر الشعب المالي ورفضه للوجود الفرنسي،الذي لم ينجح في وقف المجازر ضد المدنيين الأبرياء ونزوح الٱلاف داخل البلاد وخارجها،ولم ينجح في الحد من الخسائر اليومية في صفوف الجيش المالي.
مع وصول العسكر للحكم،دخلت فرنسا في عملية لي الذراع مع الحكام الجدد،في الوقت الذي دعمت فيه ثلاثة انقلابات على الدستور،في كل من غينيا،كوت ديفوار واتشاد.
وتجلى لي الذراع في تطوره الجديد ،إلى إعلان ماكرون عن نيته سحب بعض قواته،من بعض المناطق المعروفة بتواجد الجماعات المسلحة،وكان هذا التصرف الطائش من ماكرون فرصة للعسكر في مالي،بإتهامه بالتخلي عن مالي وبالتالي أرغمهم على البحث عن بديل ،وقد عثروا عليه في فاغنر.
تواصل تخبط ماكرون،أضافة مكونة جديدة إلى التوتر في المنطقة،وهي الصراع الفرنسي الجزائري،الذي أيقظته تصريحات ماكرون الفجة ،كما يستيقظ االبركا،وتجلى ذلك في قرار إغلاق الأجواء الجزائرية،امام الطيران الحربي الفرنسي،وهو تعبير غير ود في لغة الدبلوماسية
لقد اصبح الصراع بين فرنسا أكبر شركائنا الغربيين وأقربهم لنا،وأكبر جارين لنا، تربطنا بهما جميع الروابط، الروحية والاجتماعية والاقتصادية،مالي والجزائر.
من غير الأخلاقي ولا المروءة ،أن نقف إلى جانب فرنسا ،ضد مالي والجزائر،ولكن كذلك من غير الإنصاف انتظار وقوف موريتانيا ضد فرنسا في هذا الوقت.
هنا علينا ان نبحث عن المخارج الٱمنه،لنا وللجميع،لأن أمننا واستقرارنا مرتبطان بأمن وإستقرار المنطقة.
لكي نحقق هذا الهدف السامي،علينا ان لا نستعجل الأحداث،وننطلق من الوسع القائم.
ففرنسا لم تحرك بعد قواتها،والسلطات المالية لم تبرم بعد اتفاقا مع فاغنر،وفاغنير لم ترسل بعد مرتزقتها.
إذن نحن تحت تأثير الهواجس،والعلاقات بين الدول لا تدار على اساس الهواجس.
أعتقد أن الأحداث لا تزال تحت السيطرة،وأن هذه فرصة لبلادنا،لتظهر قدرتها التفاوضية وحرصها على مصلحة اشقائها وجيرانها وأصدقائها.
يستطيع الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني،لعب دور في حل هذه الأزمة ،انطلاقا من كون أسبابها ليست سوى هواجس،حولها حرصنا على الإستقرار إلى ما يشبه الواقع وبدأنا نتعامل على ذلك الأساس.
إن نجاحنا في حل هذه الأزمة ،التي تبدو ناتجة عن استباق للأحداث،سيجعلنا نكسب ثقة اشقائنا وجيراننا،وان ندخل الحلبة الدولية لحل النزاعات،بيد ان ذلك النجاح يظل مربوطا بقدرتنا على الإحتفاظ بالتوازن في موقفنا من جميع الأطراف.

خميس, 07/10/2021 - 14:41