أهلا بشهر المولد..

الحسين بن محنض

إِتْحَافُ اللَّبِيبْ 
بِصِفَةِ النَّبِيِّ الْحَبِيبْ 
(صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)
((حَمْدًا لِمَنْ جَعَلَ صَفْوَةَ مُضَرْ 
صَلَّى عَلَيْهِ اللهُ أَجْمَلَ الْبَشَرْ  
فَكَانَ رَبْعَةً مِنَ الْقَوْمِ عَلَى 
مَا نَقَلَ الصَّحْبُ الْكِرَامُ الْفُضَلاَ
لاَ بِالْقَصِيرِ الْمُزْدَرَى الْمُذَبْذَبِ
وَلاَ الطَّوِيلِ الْبَائِنِ الْمُشَذَّبِ 
وَهْوَ إِلَى الطُّولِ الْيَسِيرِ أَقْرَبُ
مِنْهُ إِلَى الْقِصَرِ فِيمَا اسْتَصْوَبُوا 
وَكَانَ أَبْيَضَ بَيَاضًا مُؤْنِقَا
فَلَمْ يَكُنْ مَعَ الْبَيَاضِ أَمْهَقَا 
بَيَاضُهُ أُشْرِبَ بِاحْمِرَارِ
جَعَلَهُ أَبْيَضَ فِي اصْفِرَارِ
كَأَنَّمَا قَدْ صِيغَ أَفْخَمُ الْعَرَبْ
وَأَطْهَرُ الْعَرَبِ مِنْ مَاءِ الذَّهَبْ 
وَبَعْضُهُمْ شَبَّهَ أَزْكَى الْعَرَبِ
بِفِضَّةٍ مَمْزُوجَةٍ بِذَهَبِ 
وَكَانَ وَضَّاحَ الْمُحَيَّا أَزْهَرَا
لَوْنٍ وَكَانَ وَجْهُهُ مُدَوَّرَا 
لَكِنَّهُ لَمْ يَكُ بِالْمُكَلْثَمِ
النَّاتِئِ الْخَدِّ وَلاَ الْمُطَهَّمِ 
بَلْ كَانَ مَعْ تَدْوِيرِ وَجْهِهِ أَسِيلْ
خَدٍّ وَذَاكَ عِنْدَهُمْ هُوَ الْجَمِيلْ 
وَكَانَ وَاسِعَ الْجَبِينِ سَاطِعَهْ
ذَا جَبْهَةٍ سَاطِعَةٍ وَوَاسِعَهْ 
أَزَجَّ حَاجِبَاهُ وَاسِعَانِ
وَسَابِغَانِ دُونَمَا اقْتِرَانِ 
بَيْنَهُمَا عِرْقٌ لَدَى غَضَبِهِ
يَبْدُو وَلَمْ يَغْضَبْ لِغَيْرِ رَبِّهِ 
وَكَانَ لَمَّا كَانَ سَابِغَ الزَّجَجْ
وَوَاسِعَ الْعَيْنَيْنِ بَيِّنَ الْبَلَجْ
وَكَانَ أَدْعَجَ وَكَانَ أَكْحَلاَ
عَيْنٍ بِلاَ كُحْلٍ وَكَانَ أَشْكَلاَ
وَكَانَ أَهْدَبَ وَكَانَ ذَا وَطَفْ
لأِنَّ شُفْرَ الْعَيْنِ طَالَ وَانْعَطَفْ 
وَالْجُلُّ مِنْ نَظَرِهِ هُوَ الْمُلاَ
حَظَةُ فِي الَّذِي قَدَ اثْبَتَ الْمَلاَ 
وَكَانَ يَعْلُو أَنْفَ طَهَ الأَسْنَى
نُورٌ وَكَانَ الأَنْفُ مِنْهُ أَقْنَى 
وَكَانَ مَعْ قَنَاهُ أَدْنَى لِلشَّمَمْ
إِذْ مَا سِوَى ذَاكَ مِنَ الْقَنَى يُذَمْ
وَكَانَ ذَا فَمٍ ضَلِيعٍ طَيِّبَا
رِيقٍ مُفَلَّجَ الثَّنَايَا أَشْنَبَا
حَسَنَ ثَغْرٍ إِنْ تَكَلَّمَ رُؤِي 
بَيْنَ ثَنَايَاهُ كَمِثْلِ اللُّؤْلُؤِ   
كَلاَمُهُ لَيْسَ كَهَذِّ الْهَذِرِ
بَلْ كَدَرَارِي الْعِقْدِ فِي التَّحَدُّرِ
فِي الصَّوْتِ مِنْهُ صَحَلٌ إِذَا نَطَقْ
نَطَقَ فِي رَخَامَةٍ وَفِي أَنَقْ
يَفْتَرُّ إِنْ ضَحِكَ عَنْ حَبِّ الْغَمَامْ
وَالْجُلُّ مِنْ ضَحِكِ طَهَ الاِبْتِسَامْ
لِحْيَتُهُ كَثِيفَةٌ جُمَّتُهُ 
وَافِرَةٌ عَظِيمَةٌ هَامَتُهُ
شَعَرُهُ لَيْسَ بِرَخْوٍ سَبِطِ
مُنْسَدِلٍ وَلاَ بِجَعْدٍ قَطَطِ
بَلْ رَجِلٌ إِنْ طَالَ حَتَّى انْفَرَقَا
فَرَقَهُ إِذْ ذَاكَ طَهَ الْمُنْتَقَى 
وَرُبَّمَا ضَرَبَ مَنْكِبَيْهِ أَوْ
شَحْمَةَ أُذْنَيْهِ عَلَى الَّذِي رَأَوْا
وَكَانَ ذَا جِيدٍ وَضِيءٍ ذِي سَطَعْ
مُسْتَحْسَنٍ وَذِي صَفَاءٍ قَدْ سَطَعْ
شُبِّهَ فِي الْحُسْنِ بِجِيدِ الدُّمْيَةِ
وَفِي الصَّفَاءِ بِصَفَاءِ الْفِضَّةِ
وَكَانَ ذَا جِذْعٍ جَمِيلٍ مُمْتَلِي
وَمُتَمَاسِكٍ بِلاَ تَرَهُّلِ 
عَرِيضَ صَدْرٍ رَحْبَ مَا يَجْمَعُ بَيْنْ
الْمَنْكِبَيْنِ ضَخْمَ عَظْمِ الْمَنْكِبَيْنْ 
عُفْرَةُ إِبْطِهِ بَهِيَّةٌ وَهِي
أَيْ عُفْرَةُ الإِبْطِ بَيَاضُهُ الْبَهِي 
وَكَانَ أَشْعَرَ أَعَالِي صَدْرِهِ
عَارِيَ بَاقِي صَدْرِهِ مِنْ شَعْرِهِ 
وَكَانَ أَشْعَرَ الذِّرَاعِ فَادْرِ
وَالْمَنْكِبَيْنِ مَعْ أَعَالِي الصَّدْرِ 
يَنْبُتُ خَطُّ شَعَرٍ مِنْ لَبَّتِهْ 
كَالْخَيْطِ يَجْرِي بِاتِّجَاهِ سُرَّتِهْ 
وَهُوَ عَارِي الْبَطْنِ وَالثَّدْيَيْنِ 
مِمَّا سِوَى ذَلِكَ دُونَ مَيْنِ
وَكَانَ ذَا بَطْنٍ خَمِيصٍ مُسْتَوِ
فَلَمْ تَعِبْهُ ثُجْلَةٌ كَمَا رُوِي 
فِي الْبَطْنِ مِنْهُ عُكَنٌ مِثْلُ الْقَرَا
طِيسِ الْمُثَنَّاةِ كَمَا قَدْ ذُكِرَا
أَوْ مِثْلُ آثَارِ أَسَارِيعِ الذَّهَبْ
فِقَرُ ظَهْرِهِ اللُّجَيْنُ الْمُنْتَخَبْ
وَكَانَ خَاتَمُ النُّبُوءَةِ عَلَى 
نَاغِضِهِ الأَيْسَرِ فِي مَا نُقِلاَ
وَكَانَ طَيِّبَ الشَّمِيمِ أَنْوَرَا 
جِسْمٍ إِذَا مَا لِلثِّيَابِ حَسَرَا
وَكَانَ رَحْبَ رَاحَةٍ رَائِحَتُهْ 
تَعْلَقُ بِالَّذِي تَمَسُّ رَاحَتُهْ
لَمْ يَرَ مَنْ لَمَسَهُ بِبَطْنِهَا 
كَطِيبِهَا وَبَرْدِهَا وَلِينِهَا
وَكَانَ شَثْنَ الْكَفِّ عَبْلَ الْعَضُدِ 
ضَخْمَ الْكَرَادِيسِ عَظِيمَ السَّاعِدِ
وَذَاكَ لِلْجَمَالِ لاَ يُنَافِي 
إِذْ كَانَ مَعْهُ سَائِلَ الأَطْرَافِ
وَكَانَتِ السَّاقُ مِنَ النَّبِيِّ 
ذَاتَ وَبِيصٍ لاَمِعٍ بَهِيِّ
كَأَنَّهَا جُمَّارَةٌ مِنْ نَخْلَةِ 
كَمَا رَوَى بَعْضُ الصِّحَابِ الْجِلَّةِ 
وَكَانَ فِي سَاقِ النَّبِيِّ الْعَرَبِي 
حُمُوشَةٌ وَنَهَسٌ فِي الْعَقِبِ
وَكَانَ شَثْنَ الْقَدَمَيْنِ يَنْبُو
الْمَاءُ عَنْهُمَا إِذَا يُصَبُّ
سَهْلَ الأَصَابِعِ مَسِيحَ الْقَدَمِ 
دُونَ جُعُودَةٍ وَدُونَ عِظَمِ
وَكَانَ مَعْ ذَلِكَ أَخْمَصَ الْقَدَمْ 
إِذِ الْمَسِيحُ دُونَ خُمْصَةٍ يُذَمْ
وَكَانَ يَمْشِي وَهْوَ ذُو تَكَفُّؤِ 
بِلاَ تَمَاوُتٍ وَلاَ تَلَكُّؤِ
إِنْ زَالَ زَالَ قَلَعًا مَشْيُ النَّبِي 
كَمَشْيِ مَنْ يَنْحَطُّ مِنْ كَصَبَبِ
وَذَاكَ أَنَّهُ بِرِفْقٍ يَضَعُ 
قَدَمَهُ الَّتِي بِجِدٍّ يَرْفَعُ
لَيْسَ بِذِي تَوَاثُبٍ أَوْ عَجَلِ 
وَلاَ بِذِي تَبَخْتُرٍ أَوْ كَسَلِ
وَكَانَ طَهَ مَعْ جَمَالِ ذَاتِهِ 
أَكْمَلَ خَلْقِ اللهِ فِي صِفَاتِهِ
فَكَانَ أَحْسَنَ الْوَرَى بِلاَ مِرَا 
فِي كُلِّ شَيْءٍ بَاطِنًا وَظَاهِرَا
أَتَمَّ رَبُّ الْعَرْشِ خَلْقَهُ لَهُ 
فَلَمْ يَرَ الصَّحْبُ الْكِرَامُ مِثْلَهُ
صَلَّى عَلَيْهِ رَبُّهُ الَّذِي خَتَمْ
بِهِ النُّبُوءَةَ وَخَلْقَهُ أَتَمْ)).

سبت, 09/10/2021 - 10:08