حول تجميد وحجز الممتلكات ..!

محمد المامي ولد مولاي أعلى

1-ورد مصطلح الحجز والتجميد في المادة 47 من قانون غسيل الأموال تحت عنوان (الحجز والتجميد والمصادرة)، معتبرة أن الحجز والتجميد إجراءان تحفظيان، كما ورد المصطلحان أيضا في الفقرة الأخيرة من المادة 5 من القانون التوجيهي المتعلق بالفساد مستخدمة عبارة (التجميد والحجز التحفظي)، ثم وردا في المادة 29 من قانون مكافحة الفساد حيث أوكلت لوكيل الجمهورية ولقاضي التحقيق كل فيما يعنيه أن يأمر (بتجميد أو حجز عائدات جرائم الفساد...الخ)، وقد عرفت الفقرة 6 من المادة 2 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التجميد والحجز بقولها: (يقصد بتعبير "التجميد" أو "الحجز" فرض حظر مؤقت على إحالة الممتلكات أو تبديلها أو التصرف فيها أو نقلها، أو تولي عهدة الممتلكات أو السيطرة عليها مؤقتا بناء على أمر صادر عن محكمة أو سلطة مختصة أخرى)، فهي إجراءات تحفظية تهدف لضمان الغرامات والتعويضات التي يحتمل أن يحكم بها وليست عقوبة.

2-أوامر الحجز والتجميد من أكثر الأوامر القضائية حاجة للتعليل، وقد حددت المادة 29 من قانون مكافحة الفساد حالات معينة هي التي يجوز فيها الحجز، فيتعين تعليل الحجز بأحدها، وهي من مسائل القانون التي تخضع لرقابة المحاكم الأعلى وليست من مسائل الموضوع الخاضعة للسلطة التقديرية المطلقة للقاضي، وقد خلا أمر قطب التحقيق الخاص بجرائم الفساد رقم 017/2021 الذي قضى بحجز وتجميد ممتلكات الرئيس السابق والمشمولين معه، والذي أكدته غرفة الاتهام والمحكمة العليا من أي تعليل بإحدى حالات جواز الحجز، وإنما علل بأن النيابة طلبت الحجز، وأن مصلحة التحقيق تقتضيه –هكذا بشكل مجمل ومبهم- ولم تتناول المحاكم الأعلى ذلك رغم إثارته أمامها.

3-اشتمل الحجز على قائمة طويلة من الممتلكات التي لا تعود ملكيتها لأي من المشمولين في الملف، وما دام أصحاب هذه الممتلكات لم يتهموا بجرائم فساد ولا بإخفاء عائداتها ولا بتبييض الأموال المتحصلة منها، فلا يصح الحجز على أموالهم باعتبارها عائدات فساد أو تستعمل لارتكاب جرائم فساد أو مزجت بها عائدات الفساد، وهذه هي حصرا حالات جواز الحجز الواردة في المادة 29 من قانون الفساد.

4-شمل الحجز عقارات عديدة رغم أنه مجرد حجز تحفظي، والحجز التحفظي كما هو معلوم إنما يهدف إلى ضبط الأموال المنقولة والتحفظ عليها مؤقتا لدى جهة معينة، أما العقارات فلا يتم الحجز عليها تحفظيا وإنما يتم منع نقل ملكيتها ومنع اثقالها بالحقوق العينية عبر وضع قيود في السجل العقاري أو على السند العقاري الذي هو المنطلق الوحيد للحقوق العينية طبقا للمادة 365 من قانون الحقوق العينية، وقرارات المحكمة العليا في هذا المعنى أكثر من أن تحصى.

5-شمل الحجز كذلك شركات تجارية، وهي شخصيات معنوية مستقلة، ومعلوم أنه لا يجوز حجز الشركات وإنما يمكن حجز رأس مالها أو أرباحها أو أسهمها، وحينها يتعين أن يحافظ على سيرها وعملها وانتاجها وحقوق عمالها، بل إن المرسوم المنظم لمكتب تسيير الممتلكات المجمدة والمحجوزة أكد على أن من مهامه ضمان سير الشركات التي يخضع رأس مالها للحجز، أما حجز الشركات ذاتها فلا قائل به لضرره الاقتصادي والاجتماعي الظاهر.

6-يتعين حفظ المحجوزات مع أرباحها، فهي ليست مصادرة ولا خارجة عن ملكية أصحابها، وعلى ذلك يمتنع تفويتها أو التصرف فيها تصرف المالك في ملكه لغاية اعادتها مع أرباحها لأصحابها أو مصادرتها نهائيا بحكم قضائي.

إنها نصوص القانون وقواعد الفقه ومبادئ العدالة والانصاف التي لا تجوز مخالفتها، والأمر يتعلق بأموال الناس وممتلكاتهم الجديرة بالحماية، وأي انتهاك لقواعد حماية حق الملكية سيترسخ ليكون خطرا على حقوق الناس في المستقبل، ومازال بالإمكان تدارك الأمر.

جمعة, 12/11/2021 - 15:04