في بلاد سيدنا بلال

 أحمدو الوديعة

حين حطت بنا الطائرة على مطار أديس أبابا التي أزورها لأول مرة تملكني شعور برهبة غير عادية، فهذه البلاد في ذاكرتي ووجداني -وفي ذاكرة ووجدان كل المؤمنين- ليست أي بلاد فهذه أرض الحبشة، وبلاد سيدنا بلال؛هذه الأرض التي استقبلت المؤمنين يوم ضاقت بهم مكة وما حولها وظنت قبائل العرب أنها قادرة على فتنتهم عن دينهم،فكانت البلاد التي يحكمها يومئذ ملك لايظلم عنده أحد هي الوجهة التي هاجر إليها جيل المؤمنين الأول
وفي الأرض منأى للكريم عن الأذى.. وفيها لمن خاف القلا متحول.
هي أيضا بلاد سيدنا بلال ابن رباح رضي الله عنه، بلال وأنتم تدرون من بلال .
كانت مشاهد من حياةسيدنا بلال وسيرته العطرة تتدافع أمام خاطري والطائرة ترخي عضلاتها لتركن على أرضية مطار أديس أبابا بعد ثمان ساعات من الركض جوا من مطار باماكو ؛
- صورة بلال وهو يرفض الرضوخ لقهر أسياده الكافرين وعقيدتهم التافهة باللات والعزى ،مردداتحت وطأة التعذيب الهمجي: أحد، أحد ..مسجلا اسمه وصورته وصوته قدوة ودليلا ورائدا( لن أقول أيقونة ) لكل القابضين على جمر الحق والعدل الرافضين الخضوع لمنطق الأسيادالطاغين المتجبرين
- وصورته التالية وقد تحرر من قبضة المستعبدين وأصبح الشادي الأول بنداء الحرية والتحرير والإيمان  الناطق الرسمي باسم كل المؤمنين، أرأيتم كيف قاد الصمود والثبات والنضال والإيمان والتحدي بلال من عبد يسام سوء العذاب ويساوم على إيمانه إلى صوت الإيمان والحرية والانعتاق والتحرير؛ الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله.
- وصورته وهو يمارس دوره كاملا في ترسيخ قيم الاسلام ومواجهة بقايا ومخلفات قيم الجاهلية فيترك لنا منهجا كاملا، مقاربة شاملة في التصدي للعنصرية يوم رفض السكوت على زلة لسان أخيه أبي ذَر رضي الله عنهما حين عيره بسواد أمه فشكاه للحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام فجاء الحكم قويا سريعاغاضبا رادعا مخاطبا أبا ذر( إنك امرؤ فيك جاهلية ) يالله كم نحتاج من خطاب مثل هذا وقد عشعشت في أذهاننا صنوف الجاهليات!!!
- صورته التي نقل الحبيب صلى الله عليه وسلم لجمهور الصحب الكرام ذات صباح إيماني حين استدعى بلالا وسأله ( ( بم سبقتني إلى الجنة ما دخلت الجنة قط إلا سمعت خشخشتك أمامي إني دخلت الجنة البارحة فسمعت خشخشتك أمامي وأتيت على قصر من ذهب فقلت لمن هذا قالوا لعمر ) فقال بلال ما أذنت قط إلا صليت ركعتين وما أصابني حدث إلا توضأت ورأيت أن لله علي ركعتين أركعهما فقال ( بها) 
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
لم تنته صور بلال التي أشرقت في خاطري ولكن الطائرة رست وفتحت أبوابها وعلينا أن نودعها الآن وندلف إلى الأرض التي استقبلت أصحاب بلال.
#أرشيف_حي
 

سبت, 13/11/2021 - 15:42