جناية التحالف العربي على المواطن اليمني!

أنيس منصور

نقترب من السنة السابعة لحرب التحالف العربي في اليمن، الحرب التي دشنتها السعودية في منتصف ليلة ال26 من مارس/آذار من العام 2016، وإذا ما حاول المرء أن يصعد نحو رأس جبل، يعتلي فوق الأحداث جميعها، ثم يقعد ليحصي نتائج الحرب، بسلبياتها وإنجازاتها، سيصاب بالذهول وربما الصدمة ويقف عاجزًا عن حصر مخلفات الكارثة، على كل الأصعدة.
لا أظن باحثًا متجردًا، يمكنه أن يقيم نتيجة التدخل العسكري للتحالف، ويمنحها أي نسبة محترمة للنجاح، ولا حتى نصف نجاح أو ربعه أو معشاره، حتى لو كان هذا الباحث ممن كان وما يزال يوالي التحالف، لا أظنه يجد أي نتيجة مشرفة يستند عليها؛ كي يقول: هنا نجح التحالف.
يمكن لدراويش كثر وأجراء تابعين لهذه الدولة أو تلك، أن يطلوا علينا من شاشة القنوات التابعة للتحالف، كي يبرروا وبكل صفاقة لهذا الفشل الواسع والمستمر من سبع سنوات، لكن حديثهم لا يتجاوز كونه حديث أجراء ينجزون مهمتهم بالشغل اليومي، ويتلاشى حديثهم مع أخر ثانية ينطقون بها.
حتى أنك لو تابعت أشد المدافعين عن التحالف ولاء له، وأكثر ذكاء وقدرة على قلب الحقائق، ستجدهم يتهافتون ومنطقهم لا تتجاوز وظيفته مجرد محاولة التخفيف من الشعور بالخزي لدى القائمين على التحالف وهم يرون الكارثة المهولة التي خلقها تدخلهم حتى اليوم.
ما هو صادم في فشل التحالف العربي باليمن، هو أنك أمام دولة من أغنى دول العالم، تقود حربًا في بلد من أفقر شعوب الأرض، ولم يقتصر فشلها على الجانب العسكري والسياسي، بل وخلفت وراءها شعبًا مسحوقًا، لا يكاد يجد قوت يومه، ويا له من عار وخجل كبير.
يمكن للمرء أن يعزو فشل التحالف العربي عسكريًا في اليمن، بالقول أن السعودية خاضت حربًا غير مخطط لها، وبلا استراتيجية مضبوطة وكشفت عن ضعف خبراتها الحربية، وهو أمر غريب ولكنه مفهوم، من زاوية النظر العسكرية، بصرف النظر عن مخزونها المرعب من السلاح الحديث والذخيرة الهائلة.
أما سياسيًا، فيمكن للمرء القول أن فشل السعودية في ترتيب الوضع السياسي في اليمن هو نتاج اختلال طريقتها في إدارة علاقتها النخبة السياسية اليمنية ومساهمتها في تمزيق الصف الوطني بدلا من استخدام نفوذها للضغط على الأطراف وتمتين الشرعية بما يؤهلها لقيام دولة.
لكن ما هو غير مفهوم، هو عجزها الإضافي في إدارة الملف الإقتصادي في اليمن، أو لنقل فشلها في اسناد اقتصاد الدولة اليمنية المنهارة، بل ومساهمتها في مزيد من العجز وإعاقة كل محاولات الحكومة الشرعية في لملمة جهازها الإقتصادي وبما يمكِّنها من الوقوف على قدميها.
لا أحد بمقدوره ملاحقة الأرقام المتعددة حول نسب خسائر ونزيف الاقتصاد اليمني منذ بدء الحرب، إلا أن إحدى الأرقام الأخيرة والتقريبية، تشير لما يقارب 90 مليار دولار، و20 مليون يمني تحت خط الفقر، وانهيار كامل للطبقة الوسطى في اليمن، أو ما يسمى الفقراء الجدد.
لا أظن باحث غربي من أي دولة يصدقني أن أغنى بلد في العالم متمثلا في السعودية، يعيش جاره الجنوبي أقسى ظروف معيشية، فيما جارته الكبرى، تتابع وضعه وتكتفي بمساعدات هامشية لا تسمن ولا تغني من جوع، بل ولا تكف عن المن عليه.
لا أحد يقول أن السعودية مسؤولة عن اليمنيين وحالهم، أو أن اليمني عاجز عن إدارة حياته، لكننا أمام مرحلة اشتباك تقف فيها السعودية في قلب الأحداث اليمنية وعليه فلا يمكنها بأي منطق بشري في الكون أن تتحلل من التزاماتها تجاه هذا الشعب المغلوب على أمره.
سيقول قائل: لا يوجد دولة في العالم ساعدت اليمن مثل السعودية، وسأقول له: تعال نحصي كمية المساعدات منذ بدء الحرب، ونحصي مقابلها كمية الخسائر التي تسببت بها الحرب على اليمن بما فيها كل المعيقات التي خلفتها أمام محاولة اليمنيين لملمة اقتصادهم. وستعرف النتيجة.
فما قدمته  السعودية، لا يوازي 10% مما تسببت به بخصوص الحالة المعيشية العامة للشعب، ناهيك أن مساعداتها ذات أثر لحظي عابر، فيما خسائر اليمني مهولة ، بل ويمتد أثرها لتحطيم أسس الاقتصاد وإعاقته كليا من التعافي وليس فقط الخسائر المادية الظاهرة للشعب والدولة.
تعطيل الموانئ، والسيطرة على المنافذ البحرية والبرية والمنشآت النفطية ومنع تصدير النفط وفرض رسوم اضافية على خركة الاستيراد وارهاق الدولة اليمنية بكيانات مسلحة زادت الوضع سوءًا، وكل هذا وغيره، تسبب بانهيار العملة وصولا لما هو اليمني عليه.
باختصار: نحن أمام أكبر جناية سياسية وعسكرية وإقتصادية، تسبب بها التحالف العربي على اليمن، أشبه بفاحشة كونية في حق مصير شعب مسلوب القوة والقرار، وحياته تحت رحمة عصابات شكلتها دول في التحالف وراحت تعبث بحياة الناس وتمعن في سحقهم بلا رحمة وقانون حاكم لا ضمير رادع. والله المستعان على ما تصفون

نقلا عن رأي اليوم

ثلاثاء, 16/11/2021 - 17:21