تبدأ حريتي عندما تنتهي حرية الآخرين

نادين خماش

سعت البشرية لمحاولات تسويق القول القائل بأن حرية الفرد تنتهي بحرية الآخرين، فالحق مكفول حتماً لكنه مقرونٌ بقيود في كافة المجالات. ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.

اليوم نقول تبدأ حُريّة الفرد عندما تنتهي حرية الآخرين. فالظروف الحتمية تتطلب هكذا مجهوداً شخصياً في زمن الجائحة التي وُلدت محدودة الفعل والمنشأ ما برحت أن تصبح عالمية التفشي والهويّة.

أكثر من عاميْن والشغل الشاغل للعالم حرب فريدة من نوعها تتشاركها كل الدول والجيوش للمرة الأولى متّحدة ضد جيش فيروسي واحد لكنه يتكاثر بسرعة مع مضي الوقت. قرارات الصف الأول من الجنود واحدة وقادتُها يعلنون بدء المعركة متسلّحين بالكمامات المضادة تماماً مثل الأقنعة ضد الغازات المسيلة للدموع في وقت القنابل والإجراءات الاحترازية كالدروع الواقية باعتبار الوقاية خيرٌ من العلاج، والإغلاقات إلى جانب الحجر الصحي الذي بات يشابه الخنادق التي تُحفر على جانبي المعركة لتأمين المحاربين وإعطائهم قسطاً من الاستراحة.

أخيراً ظهر اللقاح المنتظر وخرجت الأصوات التي للمفارقة كانت تخشى كورونا وأخواتها اليوم باتت تخشى السلاح الأكبر لردعها بشهادة العلم والمختصين في المجال الصحي ومعطيات الأرقام التي أسقطت المنحنى الوبائي ولو قليلاً في دول العالم.

هنا بدأت المعضلة، فالعالم انقسم ما جعل الفيروس أيضاً ينقسم لمتحورات أخرى نشطة قد تعيدنا للمربع الأول في ظل من يرون في أخذ التطعيم حرية شخصية التي باتت تؤثر على الأمان الصحي المجتمعي وتبطئ حسم المعركة سقف زمني وبأقلّ خسائر بشرية ومادية.

يقول الفيلسوف الإنجيلزي توماس هوبز إنّ الإنسان أناني بطبعه ومصلحته. في زمن الحرب الفيروسية التي تواجه البشر وهم بدورهم يواجهونها بالطرق الدفاعية اللقاحية والاحترازية منها، قد نرغب بأن يغيّر السلوك البشري من طبعه وإن كان الطبع يغلب التطبّع في غالب الأحيان، إلا أن المصلحة الذاتية يجب أن تتحول إلى مصلحة عامة وعابرة للحدود والقارات حتى.

فالمسؤولية المناعية المجتمعية تتحقق بفعل وَحدة الجسد الصحي، أما الحرية فتكفلها ملفاتٌ أخرى.

 

المصدر: العربية نت

جمعة, 03/12/2021 - 11:23