الانتخابات الليبية بين المشروعية والشرعية

وحيد عبد المجيد

عندما يحدث جدل حول سلامة أي انتخابات يتعين من الناحية المنهجية أن نعود إلى رُكنيها الأساسيين، وهما المشروعية والشرعية. والفرق بينهما واضح. تنصرف المشروعية إلى الإطار القانوني للعملية الانتخابية، فيما ترتبط الشرعية بالقبول العام بها. ويَعرف مَن تابع الإعداد للانتخابات الليبية أن مشروعيتها اكتملت وفق الأصول المتعارف عليها في العالم. يوجد إطار قانوني متكامل يشمل القانونين المُنظمين للانتخابات الرئاسية والبرلمانية. كما اتُخذت الخطوات اللازمة لإجراء الانتخابات وفق تتابعها المعمول به في العالم.
ولا يؤثر في مشروعية الانتخابات اعتراض طرف سياسي أو آخر عليها بدعوى أنه ينتقص من شرعيتها، مادام قانونها صدر من الهيئة المختصة بالتشريع كما يحدث في العالم كله، وطالما أن إجراءاتها منسجمة معه. فمن الطبيعي أن يحدث اختلاف على قانون أو آخر، وليس على القوانين المنظِّمة للانتخابات فقط. وآية ذلك أن القوانين تُصدر بالأغلبية، وليس بالإجماع، بما يعني أن هناك دائماً من يوافق ومن يعترض عليها. ولكن يتعين أن يلتزم مَن عارضوا أي مشروع قانون به عندما يُصدر.
ويعني هذا أن رُكن المشروعية في الانتخابات الليبية مُكتمل لا نقص فيه. وبالنسبة إلى الرُكن الثاني، وهو الشرعية، والتي تعني القبول بالعملية الانتخابية وإجراءاتها، فهناك بعض الأطراف السياسية التي تسعى إلى الانتقاص من هذه الشرعية، كمدخل لمحاولة التمرد عليها

ولذلك فالسؤال المحوري هنا هو: ما العمل حين تكون المشروعية مُكتملة والشرعية ناقصة، أو العكس، بشأن قضية ما في بلد من البلدان؟ والجواب أنه لا توجد قاعدة عامة ومُطلقة، لأن حالات التباين بين المشروعية والشرعية مُتعددة. لكن في حالة الانتخابات تحديداً، تكون الأولوية للمشروعية لسببين؛ أولهما أن الانتخابات هي بحكم التعريف عملية إجرائية تُجرى في إطار قانوني مُحدد. وهذا هو مناط المشروعية في الفقه السياسي والدستوري. والسبب الثاني أن توافر قبول عام أو كامل في أي انتخابات في العالم مُستحيل. فالاختلاف بشأن بعض جوانب الانتخابات أمر طبيعي، بل من طبائعها. وكثيراً ما يعترض طرف أو آخر على بعض المرشحين، ويبحث الخاسر عن ذرائع لتبرير هزيمته، وقد لا يقبل نتائجَها حتى في أكثر الدول الديمقراطية تقدماً، كما رأينا في الانتخابات الأميركية الأخيرة.
والخُلاصة أن اعتراض هذا أو ذاك على الانتخابات لا يؤثر في سلامتها وجدارتها، لأن مشروعيتها مُكتملة، فضلاً عن أنها تحظى بمقدار كبير من الشرعية، استناداً على مؤشرات متطابقة تفيد بأن أغلبية الشعب تُدعمها.
ولهذا أصبح واجباً على المجتمع الدولي أن يؤكد جدية ما جاء في بيان مؤتمر باريس في 12 نوفمبر، وفي البيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن في 25 من الشهر نفسه، وخاصةً الالتزام بمُعاقبة مَن يُعرقلون الانتخابات، والتحرك بشكل فوري لإنزال العقاب بمن شرعوا فعلاً في السعي إلى إعاقتها.

نقلاً عن "الاتحاد"

جمعة, 10/12/2021 - 14:59