تونس.. حركة النهضة تدعو لتشكيل جبهة سياسية لاستعادة الديمقراطية والرئيس يعد بتنظيم حوار مختلف

دعت حركة النهضة التونسية، اليوم الأربعاء، إلى تشكيل جبهة سياسية لاستعادة الديمقراطية، وحذرت من عودة البلاد إلى الدكتاتورية والإقصاء، في حين دعا الرئيس قيس سعيّد إلى تنظيم حوار مختلف عن الحوارات السابقة.

ففي بيان نشرته اليوم إثر اجتماع مكتبها التنفيذي، دعت النهضة (53 من مجموع 217 نائبا بالبرلمان المعلقة أعماله) كافة القوى "الحية" بالبلاد "المناهضة للانقلاب" إلى "توحيد الجهود والخيارات وبلورة أرضية مشتركة عبر حوار وطني شامل بغاية تشكيل جبهة سياسية تقود الحراك السياسي والشعبي، وتسرّع باستئناف الحياة الديمقراطية واستعادة الشرعية، وتذود عن حمى الحقوق والحريات المنتهكة بالبلاد منذ 25 جويلية (يوليو/تموز) وتساهم في وضع رؤية اقتصادية واجتماعية لمعالجة الأوضاع المتردية" بالبلاد.

وعبرت النهضة عن تضامنها مع البرلمانيين والناشطين الذي ينفذون منذ يوم الجمعة الماضي إضرابا عن الطعام بدعوة من حراك "مواطنون ضد الانقلاب" احتجاجا على الإجراءات الاستثنائية للرئيس سعيد.

وقالت إنها تدعم هذه الحركة النضالية في سبيل إنهاء "الانقلاب" والعودة إلى الشرعية والديمقراطية، وإطلاق سراح الموقوفين في محاكمات الرأي، ووضع حد لمحاولات المس من استقلالية السلطة القضائية، وفق ما ورد في نفس البيان.

وفي 25 يوليو/تموز الماضي، أعلن الرئيس عن إجراءات استثنائية قال إنه اتخذها بموجب المادة 80 من الدستور، وشملت تعليق أعمال البرلمان وحل الحكومة. وفي 22 سبتمبر/أيلول الماضي، اتخذ قرارات إضافية استحوذ بموجبها على كل السلطات.

وقبل نحو أسبوعين، أعلن سعيد قرارات أخرى بينها تنظيم استفتاء على إصلاحات دستورية في يوليو/تموز المقبل، والإبقاء على تجميد البرلمان لحين إجراء انتخابات تشريعية في ديسمبر/كانون الأول من العام المقبل.

تجارب فاشلة وعودة الدكتاتورية
وكان رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان راشد الغنوشي زار الليلة الماضية المضربين عن الطعام، وقال إن تونس تسطر مشهدا رائعا يلتقي فيه الإسلامي واليساري والقومي والدستوري، ويجمعهم الالتقاء على المشترك الديمقراطي والقطع مع الفكر الاستبدادي، على حد وصفه.

وخلال لقائه المشاركين في الإضراب، اتهم الغنوشي سعيّد باستعادة تجارب فاشلة عقب استحواذه على كل السلطات، وحذر من عودة البلاد إلى الدكتاتورية والإقصاء، داعيا إلى حوار وطني شامل من دون إقصاء يعالج كل التحديات، وفي مقدمتها التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

وتابع متحدثا عن "انفراد سعيد" بالحكم، فقال "يريد تونس بلا أحزاب، فيها صوت واحد هو صوت الرئيس، ودولة في يد شخص يديرها مثلما يشاء، يشكل القانون ويلغي الدستور ويقيل الحكومة ويحل مجلس النواب ليكون حاكما على كل شيء".

وتساءل الغنوشي "العالم العربي وبقية العالم جرب الدكتاتورية، فأين وصلت؟ جربنا الإقصاء، فلماذا يريد الرئيس قيس أن يستعيد تجارب فاشلة؟".

جبهة سياسية موسعة
في هذه الأثناء، أعلن حراكا "مواطنون ضد الانقلاب" و"اللقاء الوطني للإنقاذ" المعارضان للرئيس أنهما اتفقا، خلال لقاء بينهما أمس، على ضرورة إيجاد صيغ للعمل المشترك وتوسيع التشاور مع مختلف القوى السياسية والمدنية في إطار الإعداد لندوة وطنية استشارية.

وقال منسق حملة "مواطنون ضد الانقلاب" جوهر بن مبارك -للجزيرة- إن هدف الاتفاق تنسيق الجهود لمقاومة "الانقلاب" وأضاف أن اتفاقات، مع أطراف سياسية أخرى، لتشكيل جبهة سياسية موسعة ستعقب هذا الاتفاق، مؤكدا أن المضربين متمسكون بمواصلة الإضراب رغم تدهور الحالة الصحة لأربعة منهم.

سياسيا أيضا، دعا المجلس الوطني لحزب العمال (أقصى اليسار) القوى الشعبية والاجتماعية إلى توحيد الجهود من أجل التصدي لما وصفه بالانحراف الخطير في الأوضاع نحو الدكتاتورية.

وفي بيان له اليوم، حث هذا الحزب الشعب التونسي على تنظيم صفوفه، وإسقاط "منظومة الحكم الرجعية" وإزاحة سعيد و"مشروعه الشعبوي الاستبدادي".

كما طالب التونسيين بالعمل على منع حركة النهضة والحزب الدستوري الحر من العودة إلى اضطهاده وقهره، موجها الدعوة للتظاهر يوم 14 يناير/كانون الثاني المقبل لإحياء ذكرى الثورة.

ومؤخرا، تشكلت ائتلافات حزبية معارضة لسياسات سعيّد، لكن خلافات سياسية وأيديولوجية لا تزال تحول دون تشكّل جبهة واسعة معارضة للرئيس.

حوار مختلف
في المقابل، دعا الرئيس إلى طمأنة رجال الأعمال في البلاد تجاه الإجراءات التي تُتخذ بهدف النأي بهم عن مظاهر الابتزاز.

وقال سعيد -خلال لقائه رئيس اتحاد الصناعة والتجارة سمير ماجول- إنه يتعين تنظيم حوار مختلف عن "الحوارات الشكلية" السابقة مضيفا أنه يتعين تحقيق الكرامة والحرية للتونسيين في ظل قضاء عادل لا يحتكم إلا للقانون، على حد تعبيره.

وفي لقاء منفصل مع رئيسة الوزراء نجلاء بودن، أوضح الرئيس أنه سيتم تنظيم حوار خلال الفترة القادمة، قائلا إنه سيكون "حوار الصادقين الثابتين الذين لا يتلونون كل يوم بلون".

ونفى سعيد تعرض أي من المضربين عن الطعام، احتجاجا على قراراته، للعنف أو التعذيب.

الموازنة الجديدة
على صعيد آخر، أعلنت الحكومة أمس موازنة العام المقبل بقيمة 20 مليار دولار، وبعجز أولي متوقع يقدّر بـ 3.2 مليارات، نسبته 6.7% من الناتج المحلي الإجمالي. وأُقرت الموازنة بدون الرجوع للبرلمان المعطل.

وتتوقع الموازنة أن يبلغ إجمالي متطلبات الاقتراض نحو 6.5 مليارات دولار العام المقبل، بما يرفع الدين العام بنسبة 82.6% من الناتج المحلي الإجمالي.

وقالت الحكومة إنها ستسعى لتأمين العجز في الموازنة الجديدة عبر قروض من الخارج.

وقال المتحدث باسم الاتحاد العام للشغل إن قانون الموازنة العامة صيغ من دون استشارة أي طرف.

من جهته، قال الرئيس سعيد -خلال لقائه وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو- إن بلاده تعول على قدراتها الوطنية، لتتجاوز الظرف الراهن، وتتطلع إلى دعم شركائها.

المصدر : الجزيرة + وكالات

أربعاء, 29/12/2021 - 11:43