فإلى متى نقبل الدونية في لغتنا؟

 محمد المختار ولد محمد فال

قبل أيام احتفلت موريتانيا بعيد استقلا لها الوطني، مفاخرة بأنها تتمتع بالاستقلال الوطني، منذ أكثر من ستين سنة.. ادعاء كفيل بأن يثلج الصدور ويزرع في النفوس مستوى من الإعتزاز بالذات، لو كان حقيقيا ومكتمل الأركان والأبعاد.

فبعد أكثر من ستين سنة، لا زلنا مستعمرة افرانكوفونية، نلغي دستورنا لصالح رغبات فرنسا، ونحتقر هويتنا ولغتنا، إرضاء لفرنسا، نعمل بكل الوسائل، من أجل إضاعة مستقبل أبنائنا، حبا في فرنسا أو جبنا منها، نضيع فرص إقلاعنا الإقتصادي وتطورنا الحضاري، لكي لا نحيد عن منظومة التبعية لفرنسا.. نخسر حاضرنا ومستقبلنا، هياما بلفرانكوفونية واسمراء للتبعية العمياء لمستعمر الأمس.

ألم نرفع شعار الإستقلال وتتباهى به حكوماتنا سنويا أمام شعبنا، وسط ضجيج من صخب الإحتفالات ب"عيدنا الوطني"؟ هل تساءلنا يوما عن حقيقة استقلالنا وما تجلبه لنا التبعية العمياء لمستعمر يحتقر ثقافتنا ويمجد لغته، التي يفرضها فرضا في دياره ويمنع استخدام أي مصطلح أجنبي له مقابل فرنسي؟

إذا كان هذا البلد هو فعلا نموذجنا الحقيقي ، فلم لا نقلده في تعصبه للغته وفي التطور الحاصل في إدارته، واحترامه للمال العام وذوده عن استقلاله ودفاعه المستميت عن رموزه؟

فلو كان الهيام باللغة الفرنسية هذا، هدفه اقتباس ما هو أفضل لدى الآخر، فهنا يمكن أن نعتبر افتراضا "دونية" اللغة العربية، مجرد خطأ في الإجتهاد غير مقصود.. أما عند ما يصبح هذا الإختيار لفرانكوفوني أداة لتدمير مستقبل أجيالنا، الذين يتساقطون عبر جميع مراحل التعليم ويرمي ب 90% من الذين استطاعوا الوصول إلى امتحان الباكلوريا سنويا خارج المنظومة التربوية.. هنا تصبح التبعية جريمة لا تغتفر وخيار يمكن تصنيفه ضمن أسوإ الاختيارات.. ينضاف إلى ذلك غربة الإدارة المفرنسة عن المواطنين وتعاليها عليهم في الخطاب والممارسة.. والذي أوجد هوة بين الدولة وعموم المواطنين. وجرد العقود من ضمانتها القانونية وصفتها الإلزامية.

نحن إذن أمام واقع مر، تداس فيه كرامة المواطن والوطن، دون أي مسوغ لهذه التبعية، التي انهارت ورقة توتها، عند ما تنصل الماليون وغيرهم من حماية فرنسا لدولتهم، التي اكتشفوا أنها مجرد تكريس لشعارهم القديم "فرق تسد".

إننا أمام تبعية يجب أن تتوقف، لأنها تفرض علينا دونية، تحرمنا من ترسيخ هويتنا الثقافية واختياراتنا التنموية وتحقيق استقلالنا الثقافي والسياسي والإقتصادي..فإلى متى نقبل الدونية في ثقافتنا والدنية في ثرواتنا؟

إنها تبعية يجب أن تتوقف إذا كنا فعلا شناقطة ونسعى إلى الإستقلال الكامل!

سبت, 01/01/2022 - 14:18