إضراب للقضاة في تونس.. تحذيرات دولية متسارعة ورفض داخلي واسع لقرار حل مجلس القضاء

تواصلت ردود الفعل الدولية المنددة بقرار الرئيس التونسي قيس سعيّد حل المجلس الأعلى للقضاء، كما تصاعدت التحذيرات الداخلية بعد إعلان نحو 40 منظمة مدنية -من بينها نقابة الصحفيين التونسيين و"محامون بلا حدود"- رفضها للقرار.

وقد أعلن الرئيس التونسي مساء الأحد الماضي أنه قرر حل المجلس الأعلى للقضاء، وأنه سيصدر قانونا أو مرسوما مؤقتا في هذا الصدد.

واعتبرت الأمم المتحدة قرار سعيّد تقويضا خطيرا لسيادة القانون. كما حث ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة الرئيس التونسي على التراجع عن مساره.

وقال دوجاريك إنه يشارك مفوضة حقوق الإنسان ميشيل باشليه القلق نفسه من هذه الخطوة.

وكانت باشليه قالت أمس الثلاثاء إن "هذه خطوة كبيرة في الاتجاه الخاطئ"، وأضافت أن قرار سعيّد "خرق واضح لالتزامات تونس بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان".

تهديد خطير
من جهتها، قالت منظمة العفو الدولية إن تحركات الرئيس التونسي لحل المجلس الأعلى للقضاء تشكل "تهديدا خطيرا لحقوق الإنسان في تونس".

ودعت المنظمة الرئيس سعيّد إلى التراجع عن خطط حل المجلس "والكف عن التصرفات التي تهدد استقلالية القضاء".

وفي وقت سابق أمس، أعرب سفراء دول مجموعة السبع الغنية لدى تونس ومبعوث الاتحاد الأوروبي -في بيان مشترك- عن "القلق البالغ" إزاء القرار.

وقال سفراء الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والاتحاد الأوروبي -في بيانهم- إن "القضاء الشفاف والمستقل والفعال وفصل السلطات أمران أساسيان لديمقراطية فاعلة تخدم شعبها".

لقاء مع السفراء
وفي السياق، أكد وزير الخارجية التونسي عثمان الجرندي -خلال لقاء مع سفراء "مجموعة الدول السبع" المعتمدين في تونس وممثلة مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان- أن المسار الديمقراطي في تونس واحترام حقوق الإنسان والحريات خيارات لا رجعة فيها.

ووفق ما ورد في بيان للخارجية التونسية، أشار الوزير إلى أن حل المجلس الأعلى للقضاء يندرج في إطار مواصلة تصحيح المسار الديمقراطي.

وأكد أن حل المجلس لا ينطوي على إرادة للتدخل في القضاء أو وضع اليد عليه، وإنما يندرج في مسار إصلاح المنظومة القضائية والمضي قدما على درب تعزيز استقلالية القضاء، والنأي بالقضاء عن التسييس الذي تسبب في تعطيل مسار العدالة والبت في قضايا مهمة، وفق وزير الخارجية التونسي.

رفض داخلي
وبالتوازي مع التحذيرات الخارجية، تواصل التنديد الداخلي بقرار الرئيس، إذ أعلنت أكثر من 40 منظمة مدنية في تونس رفضها أي تدخل من السلطة التنفيذية في عمل السلطة القضائية.

وقالت هذه المنظمات -وبينها نقابة الصحفيين التونسيين ومحامون بلا حدود- إن المجلس الأعلى للقضاء هو الهيكل الوحيد الضامن لاستقلالية مؤسسة للقضاء طبقا للدستور.

من جهة أخرى، رفضت هذه المنظمات ما اعتبرته مغالطة الرأي العام من حيث اعتبار المجلس الأعلى للقضاء المسؤول الوحيد عن البت في القضايا؛ بما أنّ المجلس ليس بمحكمة ولا يصدر أحكاما.

ودعت إلى توحيد الجهود وتجديد الالتزام بالدفاع عن الهيئات الدستورية والمستقلة كحجر أساسي في البناء الديمقراطي الذي انتهجته تونس.

إضراب القضاة
في غضون ذلك، قرر المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين (مستقلة) تعليق العمل في كافة المحاكم اليوم الأربعاء وغدا الخميس، كما دعا إلى تنظيم وقفة احتجاجية أمام مقر المجلس الأعلى للقضاء بعد غد الجمعة، رفضا لحل المجلس.

وقالت الجمعية -في بيان- إنها تدعو "كافة القضاة من الأصناف الثلاثة -العدلي والإداري والمالي- إلى التعليق التام للعمل بكافة محاكم تونس يومي الأربعاء والخميس".

وأوضحت أن ذلك يأتي "احتجاجا على الانتهاك الصارخ لاستقلالية السلطة القضائية من قبل رئيس الجمهورية وحل المجلس الأعلى للقضاء كآخر ضمانة للفصل بين السلطات وتحقيق التوازن بينها".

المصدر : الجزيرة
 

أربعاء, 09/02/2022 - 10:12