قراءة في الصراع والتدافع بين الطبقات والشرائح الاجتماعية الموريتانية  /الحلقة 2

الأمجد ولد محمد الأمين السالم 

الموضوعية تقتضي إنصاف
العرب :
.....
إن  الثقافة التعميمبة التي تهدف إلى تجريد  أهل الشوكة(جلهم من بني حسان )  في  هذه البلاد من الثقافة  ووصفهم بصفة اللصوصية  ووصف الإمارات والمشيخات العربية والصنهاجية التي قامت في هذه البلاد بالعجز المطلق عن توفير السلم والأمن  لا يمكن للباحث الموضوعي أن يركن إليها وذلك للاعتبارات التالية 
أولا: تقوم الحضارةالموريتانية الحالية على ركيزتين هما الإسلام واللغة العربية وهاتان الركيزتان يعود فيهما الفضل   لبني حسان فهم من  عرب سكان هذه الربوع  ولولى ذلك التعريب لما كان هناك فقه إسلامي أصيل ولما كانت هناك قيم دينية حقيقية  
وهل يتصور أن يكون لبلاد شنقيط أدب لو لم يعرب بنو حسان المنطقة 
ومع ذلك لاأحد من مثقفينا اليوم يذكر لبني حسان هذا الفضل 
ثانيا : يتحامل الكثيرون وخصوصا منهم المهووسون بالصراع القومي الناقمون أهل الشوكة عموما و على بني حسان  خصوصا لأسباب تاريخية لم تعد لها أي أهمية على  عهد الإمارات والمشيخات الحسانية  فيرددون في مؤلفاتهم وبحوثهم  فكرة التحامل على ذلك العهدفيصفونه بعهد السيبة والفوضى ولكثرة ترديد هذه الفكرة كادت تصبح من المسلمات 
هذه الفكرة تكذبها الشواهد التاريخية  صحيح أن ذلك العهد اتسم   بانعدام الدولة الجامعة  وكانت هناك حروب وصراعات قبلية لكن الصورة لم تكن بتلك القتامة فقد بذل أهل الشوكة من إمارات ومشيخات بني حسان  ومن الإمارات والمشيخات ذات الأصول الصنهاجية جهودا كبيرة في سبيل تأمين البلاد والعباد بل إن أمراء عدة طبقوا الشريعة الإسلامية ونكلوا باللصوص و"لهناتيت"وقد خلد  الشعراء والعلماء هذا التوجه
فقد أشاد امحمد بن الطلبه بالأمير محمد لحبيب وطلب منه عدم التنازل عن السلطة لحاجة المسلمين إلى من يؤمنهم ويحميهم وهذا الشاعر المامون ولد محمد الصوفي يشيد بعدل  الرئيس العام لأولاد اللب السيد  اعل ولد محمد ولد اعل ولد احمد الملقب اغموك   الذي خيم بحيه في ساحة ل"كرب "وكان يلقب أسد الله يقول العلامة المأمومن في الإشادة والدعاء له والاستسقاء للعباد والبلاد :
يامجيب المضطر إنا دعونا
ك لضر مس البلاد عميم 
خاب إلا منك الرجاء وضاقت
رجواها بظاعن ومقيم 
فامر الغيث أن يجود عليها
رحمة من غيوث رب رحيم
غدقا يغمر البلاد جميعا 
ولتخصص من بعد ذاك العموم
ساحة الكرب حيث رابط فيها 
أسد الله رغم أنف الغشوم 
وهل كان الأديب العبقري الفقيه المعروف محمد عبد الرحمن ولد المبارك ولد اليمين يجهل أهمية الأمن وقيمة السلم الاجتماعي الذي وفر الأمير العادل أحمد ولد امحمد ولد احمد ولد عيده حين قال في حقه :
من عافيت احمل امحمد@
ول احمد ما يكبظ لغيار 
حد الحد الا يعط حد @
الحد اتل ماه لخبار 
وفي هذا الأمير العادل  يقول الشاعر يزيد ولد سيداحمد الجكني :
يا أحمدا يا من لسطوة سيفه@
خضع الرجال مسيؤهم والمحسن
إن ابن خالتكم أضاعت شوله@
هنتاتة فيها .............
 وبم نفسر القولة الشا ئعة في هذه البلاد والتي تقول إن يومان من أيام الله لا يظلم فيهما أي أحد هما يوم القيامة ويوم يشاهد الشخص  مخيم أولاد احمد مندمان
ويقول المؤرخ عبد الودود ولد احمد مولود ولد انتهاه ضمن كلام في غاية الموضوعية والدقة عن عهد الأمير أحمد ولد امحمد  ومعاصريه من الأمراء العادلين :أقام العدل ورد المظالم وقمع أهل الظلم ووافق زمنه زمن بكار ولد اسويد احمد أمير تكانت واعل ولد محمد لحبيب أمير الترارزة والأمير امحمد ولد امحيميد  أمير مشظوف فعم على جميع البلاد العدل وفاض المال بكثرة الناطق والصامت منه حتى  أن البلاد لم يعلم أنها عرفت دهرا إكمل ولا أتم من زمن هؤلاء.."
  وحملة الأمير محمد محمود ولد لمحيميد ضد لصوص الحوض مشهورة  وقد عبر سكان لبراكنة بالكاف التالي  عن نجاح الأمير لبات ولد احمياده  في محاربة اللصوص المعبر عنهم ب :"لهناتيت":
مخالك هنتات @
يطرح لساده
فاحكامت لبات @
 ولد احميادة  
وفي منظومة القيم لدى بني حسان أن أكل لحم الحيوان المغتصب فضيحة  ويعبرون عن ذلك ب :"لحم التنقيت"
ويخاطب محمد عبد الرحمن  لد المبارك ولد اليمين في سياق مدحه لأحمد ولد امحمد قائلا :
ويشك يالفار انت جنيت @
تمشِ تكبظ تسبيح الحد
فتراب احمد واتشك اتليت @
عنك تسلك من باس احمد
وأختم هذه النقطة بكلام نفيس ضمن مقال لإكس ولد اكرك   نسبه لابن الفراء والكلام هو :  
" افتخرسيداحمد  لبات ولد محمد   ولد اسويد احمد على سيدي ولد محمد لحبيب بأن أرض تكانت ذات خصب  وثروة مال وصحة أنفس للآدميين وصلاح حراثة نخلا وقمحا وشعيرا وأن البيت في ليلة واحدة تروح له ملكاطة العلك ممتلئة وعرش النخلة وتتكليت القمح وتغليت والناقة والبقرة والشاة حفل في الأعلى من الخريف والخيل صالحة حتى أن بيت الزوايا  يوجد عنده من الخيل العتاق ما يقارب العشرين 
فأجابه الأمير سيدي ولد محمد لحبيب بكلمة واحدة وهي أن تكانت ليست فيها بيكة منت اغمريت وهي عجوز من اهل محم عبدي يودع عندها ما في البلد من انواع المطعومات والخنط والفضة وليس معها هناك إلا الديكة ولم تشتك قط من أحد أخذ منها شيئأ مما هو مودع عندها 
ومن الأدب الذي يوثق لعدل أمراء بني حسان قول أحدهم 
كول للرسول أبكار @
والشيخ اسيداحمد لبات 
والمختا ؤول المختار@
عن كالو كوم اديبسات
اللٌِ لحكو حومت كنار@
واوهام امحاصر لبيدات
عن ول اعمر ول المختار@
اتراب ما فيه هنتات
ثالثا :باعتبار أن الزوايا بحكم تمكنهم في مفصل الصقافة هم من يتولى حتى الساعة كتابة تاريخ البلاد فقد غيب مجتمع الشوكة وحمل بنو حسان جل أوزار الماضي 
لذلك أرجو أن يعاد النظر في الكثير من المسلمات التي تحركها النزعات العصبية حتى يتم إنصاف الجميع ويعطى كل ذي حق حقة من تاريخ بلد للجميع  وتاريخ للجميع   
--رابعا  :لولى ما وفر أهل الشوكة من أمن واستقرار ما ألف العلماء كتبهم ونشروا  العلم ومعنى ذلك أن هذه البلاد كان لها أمراء وشيوخ يمتلكون الحنكة والحكمة والتشبث بالدين والقيم الأصيلة  فلا أساس لما يروج له بعض التبسيطيين المتعصبين من أن هذه البلاد لم تك شيأ مذكورا قبل سيطرة المستعمر لها وأنها كانت هملا لا سلطة فيها
 يتواصل

سبت, 26/03/2022 - 08:37