ترامب لن يلاحق ولن يحاصر حزبياً

حسن عبدربه المصري

انتهي مهرجان التجديد النصفي لأعضاء مجلسي الكونجرس الأمريكي .. 

انتهي ما وصفه البعض بأنه إستفتاء علي العامين الباقيين من عمر رئاسة ترامب .. 

انتهت موجات القيل والقال حول نتائج كانت الغالبية تتمني ان لا تأتي هكذا .. 

هذه الأغلبية في الداخل الأمريكي وخارجه ، كانت تتوقع ردة فعل جماهيرية انتخابية تكسر انف رونالد ترامب بسبب تعسفه وعدائه الإعلامي وإصراه علي ان يرسخ مفهوم حكم الرجل القوي الذي لا يأبه بنصيحة او يلتفت ورائه .. 

الرجل يؤمن بأن المجتمع الأمريكي من حقه أن يتربع علي القمة العاليمة وحده .. وقد عمل طوال عامين علي ترتيب أكث مناطق العالم حيوية ، بحيث تصبح في خدمته سواء بالقانون السياسي او العقابالإقتصادي أو عن طريق المساومة التجارية او الخديعة المستقبلية التى ربما لا تري النور .. 

فرحة البعض بفوز سيدتين بعضوية مجلس الكونجرس ، أنستهم حقائق بديهية .. منها .. انهما سوف تلتزامان بسياسات حزبهما .. ولن يتمكنا من الخروج عن القواعد الحاكمة لحركة المجلس التشريعي .. ولن يخرجا عن دائرة الحراك السياسي الذي يدافع أو يهاجم سياسات الرئيس الامريكي .. 

ترامب ليس بالشخص الهين .. 

يقيني ، أنه منذ إعلان نتائج الإنتخابات النصفيةالتى وفرت أغالبية مريحه لحزبه " الجمهوري " في مجلس الشيوخ .. واعطت للحزب للحزبالديموقراطي أغلبية عددية في مجلس النواب .. راح ترامب يرتب اولوياته فيما ما بقي له من أشهر داخل البيت الأبيض لكي يٌحدد بدقة متوازنة ، ليس فيها نكوص ولا انكفاء ، مسار قضايا بلده المعلقة بما يخدم سعيه وسعي حزبه لإعادة إنتخابة لفترة ثانية .. 

هذا المسار الذي نتوقعه يركز علي قضايا داخليه لا بد له ان يراغي فيها إخاصاصات مجلس النواب الذي أضحت غالبيته متحفزة له .. ويركز علي تزكية إختصاصاته علي مستوي مجلس الشيوخ فيما يتعلق بالسياسات الخارجية .. 

سيعود للواجهه ملف قانون العلاج الطبي الذي انجزه أوباما واوقف هو العمل به .. وستطرح بنوده بعد تعديل بعضها ، مرة ثانية وثالثة حتى يجاز .. وسيعاد طرح افكاره ومشاريعه المتعلقة بالهجرة إلي الولايات المتحدة بكل السبل البحرية والجويةوالمتسللون عبر الحدود للنقاش حتى تستوفي ابعادها القانونية .. 

وسيطرح علي مدي واسع للنقاش الشعبي والتشريعي أحقية خروج واشنطن من اتفاقية المناخ الدولية التى هدد بها العالم .. خاصة في ضوء الدراسات التى برهنت علي أن اجزاء كثيرو وكبيرة من مساحة أمريكا الشاسعو تعاني حالياً وسوف تعاتي ستقبلاً من ازمات مناخية لا يمكن عض النظر عن نتائجها الداخلية والخارجية .. 

خارجياً لديه أجندة مُحملة بكل ما هو ثقيل وخلافي ومكلف في نفس الوقت .. 

خذ مثلا الأزمة السورية ، وعد بسحب قواته من فوق أراضيها !! ثم أمر بالإبقاء عليها حتى ييتفق معه دمشق .. اختلف مع تركيا حول وجودها في شمال البلاد وشمالها الشرقي !! ثم إتفق معها علي حساب إيران .. دافع عن روسيا التى لا زالت تتهم بالعبث في نتائج الإنتخابات الرئاسية عام 2016 ، ثم تناوش مع رئيسها حول أحقيتها في التوجد الدائم في مياه البحر المتوسط ..

يحتل ملف الأزمة اليمينة مقدمة الآجندة ، ومن جانبه لم يتدخر الئيس الأمريكي وسعاً في تضييق الخناق علي السعودية في ضوء ما تلقته اجهزته المخابراتية والأمنية من معلومات حول مقتل الصحفي السعودي جمال خوشقجي .. ومن قلب الملف يرتب علاقاته الآنية والمستقبلية باطراف النزاع الرياض التى اتخذ قرار بعدم تموين طائراتها في الجو من ناحية ، وطهران التى بدأت نتائج قرارات معاقبتها إقتصاديا تؤتي أُكلها من ناحية اخري .. 

وفي نفس الوقت يرتب لأن يكون لإسرائيل من الآن دور في منازعة إيران وتضييق الخناق عليها بسبب تمددها المتطرف في العديد من البقاع الشرق أوسطية ، وما يعكسه ذلك من اضرار علي مستوي المصالح الأمريكية في المنطقة وعلي استقرار مجتمعاتها ودولها والعلاقات فيما بينها ومع واشنطن تحديداً .. 

اما ملف صفقة القرن بين الشعب الفلسطينى والدولة التي تحتل أراضيه وتمارس ضد مناضليه ابشع سياسات التفرقة العنصرية ، فله تكتيك آخر بعد ان انتقل مقر سفارته إلي القدس في ظل توالي اتساع الخروقات بين القيادات الفلسطينية حول سبل تفعيل سياسات وتحركات الملف النضالي لتحقيق اهداف إقامة الدولة المستقلة علي الأرض الفلسطينية التى احتلت بعد عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية .. خاصة أذا اضفنا إلي الأفكار الأمريكية في هذا الخصوص ما نشر حول مخطط إقامة مشروع خط سكك حديدية يتجه نحو الشرق ليربط بين تل ابيب والضفة الغربية من الخليج العربي حتى سلطنة عمان .. 

نحن إذن في انتظا .. 

سنتان من الصد الورد بين البيت الأبيض ومجلسي الشيوخ والنواب .. 

سنتان من المعاندة بين الطرفين لأن كل منهما يتمسح بالمصلحة العليا للشعب الأمريكي .. 

وأخيراً ، سنتان من الأستعداد العملي للإنتخابات الرئاسية القادمة .. 

المهم في هذه اللحظة ان ترامب لن يٌنحي من منصبه .. ولن يلاقي عنتاً كما يتوهم البعض سواء علي مستوي سياسته الداخلية او الخارجية ، لأنه سيتفيد مما مر به من تجارب علي امتداد العامين الماضيين .. 

إيلاف

اثنين, 12/11/2018 - 10:22