احتجاجات فرنسا ... الدولة في ثقافتنا وفي ثقافتهم

المصطفى اكليب

تنسب الدولة في ثقافتنا العربية الإسلامية أحيانا إلى القبائل فيتحدث المؤرخون عن دولة بني أمية ودولة بني العباس و أحيانا إلى الأفراد مثل دولة مروان بن الحكم ودولة هارون الرشيد ودولة المأمون .
وتتقاطع الوقائع التاريخية مع الدلالة اللغوية فالدولة في اللغة العربية التي تمثل وعاء التفكير وأداة التعبير عنه تعني التحول والتغير فدالت الأيام تحولت وتبدلت. 
ويتم تداول السلطة في فضائنا السياسي غالبا من خلال تبادل القوة غلبة أو توارثا ، ولذلك فمن معاني الدولة في لغتنا كذلك الاستلاء والغلبة 
أما عندهم فإن ETAT و STAT تدلان على الحال المستمر الذي لا يتغير بتغير الملك أو الحاكم أو الأشخاص القائمين على الحكم والسلطة 
وقد استطاع التاريخ الغربي تجاوز وتنظيف ما تبقى من مقولة لويس الرابع عشر " أنا الدولة "
وهنا يكمن الفرق بين احتجاجاتنا واحتجاجاتهم وثوراتنا وثوراتهم 
فاحتجاجاتنا وثوراتنا تشكل خطرا على بقاء دولنا لأنها ترتبط بأفراد وأسر وجماعات واحتجاجاتهم وثوراتهم لا تشكل خطرا على كينونة دولهم وبقائها لأنها غير مرتبطة بالأفراد والجماعات
لا خوف على فرنسا من "ربيعها" فحكامها يعلمون أنهم غير مخلدين في السلطة وان الدولة لن تزول برحيلهم ولن يقف شاعر فرنسي أمام الرئيس ماكرون منشدا: ما شئت لا ما شاءت الأقدار....فاحكم فانت الواحد القهار 
قد يتفاوض ماكرون مع المحتجين ويلبي مطالبهم كلها أو بعضها
وقد تستقيل الحكومة إن تفاقمت الاحتجاجات
أو يسقط الرئيس نفسه 
ولكن ستبقى الدولة الفرنسية قائمة مستمرة لأنها فوق الأفراد والأسر والجماعات

...................

نقلا عن صفحة الكاتب 

سبت, 01/12/2018 - 15:56