هل يكسب الرئيس محمد ولد عبد العزيز الرهان؟!

المرابط ولد محمد لخديم

في تصريحات أدلى بها الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، قبل تنظيم القمة العربية بحوالي شهرين، أعلن فيها أن “موريتانيا ستحتضن القمة العربية ولو تحت خيمة!!

 بدأت كلمات الرجل عند الناس ضربا من المحال إذ كيف لقمة يحضرها عشرات الرؤساء والملوك ومئات الشخصيات والهيآت الدولية والاقليمية تعقد تحت خيمة وخاصة أن العرب يعرفون الخيمة جيدا وكيف يمكن لهذا الكم الهائل من البشر أن تسعه أطناب الخيمة؟

 وبما أن الناس شككوا في قدرة موريتانيا على تنظيم القمة العربية بعد أن اعتذر المغرب في آخر لحظة ولم يتبق أمام موريتانيا إلا ثلاثة أشهر رغم أنه لم يسبق لها استضافة حدثًا عربيًا بهذا الحجم، وسابقت الزمن لتجهيز إقامات تليق بضيوف البلاد الكبار..

 وشكل حينها إيواء المئات من ضيوف القمة العربية هاجسا في بلد يوجد فيه عددا محدودا من الفنادق ومعظمها دون المستوى المتوسط، ويغلب عليها طابع البساطة..

 إلا أنها تمكنت من إنجاح القمة في أول حدث من نوعه في موريتانيا...ويكفي تنظميها بعد ماشكك الجميع في ذالك...

وهذا شجع موريتانيا على استضافة قمة اكبر وأوسع وهي قمة القارة الإفريقية وقد نجحت في ذالك في ظرف قياسي.....

   يشهد لها قادة هذه الدول بكل أريحية فهذا الرئيس الناميبي الرئيس الدوري للاتحاد الافريقي الجديد يستهل خطابه بالتعبير عن خالص الشكر والامتنان لرئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز على الجهود العظيمة التي بذلتها موريتانيا في سبيل استضافة وإنجاح هذه القمة. منوها بحفاوة الاستقبال وكرم الضيافة اللذين لقاهما القادة الأفارقة لدى شعب هذه البلاد العظيم. مبرزا أن ظروف الأمن والرعاية جعلت المشاركين في القمة لا يحسون بمرور الوقت..

   كما أصدر الاتحاد الإفريقي  مقررا رسميا يتضمن تهنئة خاصة لموريتانيا على مستوى تنظيم القمة الإفريقية الحادية والثلاثين ؛ لتصبح بذلك أول دولة في القارة تحظى بهذا التميز، الذي نالته جمهورية جنوب إفريقيا من قبل بمناسبة احتضانها أول دورة من نهائيات كأس العالم لكرة القدم على مستوى إفريقيا.

   ولاشك أن هذا التكريم الذي يضاهي في مستواه تنظيم جنوب افريقيا لكأس العالم يستحق التنويه وينتقل بموريتانيا إلى العالمية ويبدوا أن الجهود الاستثنائية التي بذلتها الحكومة الموريتانية، في ظرف قياسي، من أجل التحضير الجيد لهذه القمة وتوفير أفضل الظروف من أجل نجاح أعمالها؛ سواء على مستوى الاستقبال والإقامة، أو على مستوى التنظيم وتوفير الوسائل للدول المشاركة أتت أكلها...

   وبهذا تكاد تجمع آراء المحللين والمراقبين على أن موريتانيا نجحت في تنظيم هذه القمة تحت فزاعة الهاجس الإرهابي والخوف من وقوع عمليات تخريبية...

    وكنت أظن أن قبول موريتانيا لاستضافة القمة العربية التنموية والاقتصادية الخامسة المقبلة في مدينة أنواذيبوا انجازا في حد ذاته يذكر فيشكر..!؟ بعد أن نجحت في استضافة قمة الأمل العربية والقمة الإفريقية سابقا وأنه سيهرق مداد الأقلام المعروفة..فقد جرت العادة أنه إذا تعلق الأمر بسمعة البلد فان الشعب يصتف وراء القائد كما هو معروف في جميع دول العالم المتحضر..
  لكن المتأمل في ماكتب ويكتب عن هذه القمة يلاحظ عدم اهتمام الأقلام المعرفة بها فلا تكاد تصادف إلا كتابات متفاوتة من هنا وهناك وحتى تلك الكتابات التي كانت تحسب على رئيس الجمهورية  بدت خجولة محترسة وكأنها تنتظر أمرا ماّ؟!

وهذا ربما يرجع إلى قرار الرئيس الشجاع الذي أعلن فيه أنه لن يترشح لمأمورية ثالثة محترما دستور البلاد..وقد شهد له العالم بهذه الخطوة الغير مسبوقة من زعيم عربي

الأمر الذي جعل بعض المنتفعين من السلطة يرتب أورقه يتحين الفرص وركوب موجة المصالح في أي اتجاه!!  

 لهذا يجب على رئيس الجمهورية أن يأخذ كل حذره وأن يتابع بنفسه التحضيرات كما فعل عند إنشاء قصر المؤتمرات المسمى بالمرابطون..

 فكما نجح في استضافة القمتين السابقتين العربية والإفريقية فيجب عليه أن يختم بإنجاح هذه القمة العربية الخامسة الاقتصادية والاجتماعية...
  وقصدي من هذا المقال أن أنبه على تراجع وتيرة الإقبال على تنفيذ أوامر الرئيس نتيجة لقراره السابق وكأن سمعة البلد تخص طرف بعينه...!!

  لست من الموالاة ولا المعارضة ولا أنتمي إلى حزب سياسي ولم أستفد يوما من الحكومات السابقة.. ولا الحالية التي أصبحت على بعد أشهر معدودة من الاستقالة.. ولكن الحقيقة تبقى حقيقة سواء اعترفنا بها أو تجاهلناها!!...وسمعة البلد فوق الجميع...ولن يشعر بهذا الانجاز إلا من مثل موريتانيا في المحافل الدولية سابقا..!!

 وقد واجهت نواكشوط مشاكل كبيرة آنذاك بعد أن قررت أن تستضيف القمة العربية بعد اعتذار المغرب ولم يكن أمامها إلا أشهر قليلة للتحضير لهذا الحدث رغم النقص في البنى التحتية من طرق وفنادق ومنشآت خدمية..

لكن الحكومة الموريتانية تمسكت بحق موريتانيا في تنظيم القمة وفاجأت موريتانيا الجميع بخيمة عملاقة الصورة:1

     تضم قاعة كبيرة لاحتضان الجلستين الافتتاحية والختامية لرؤساء وقادة الدول، إضافة لقاعات جانبية مخصصة للمشاورات واللقاءات الفردية بين القادة العرب ورؤساء الوفود، وتقام على مساحة تزيد على ألفي متر مربع، وتتسع لأكثر من ألفي شخص؛ كما تضم الخيمة مكاتب خاصة بالزعماء ورؤساء الوفود العربية، إضافة لمطعم كبير..

وقد وصف أحد المراسلين الفرنسيين هذه الخيمة بالمعجزة…وكسبت موريتانيا الرهان.. 

وكأن موريتانيا في هذه الدورة تدعوا العرب، إلى العودة لأصالتهم وقيمهم المشتركة، والانطلاق نحو عهد جديد من التضامن، ونبذ الخلافات وتجاوز التحديات مهما كانت طبيعتها...…

فهل يتحقق هذا في القمة الخامسة الاقتصادية والاجتماعية التي ستحتضنها موريتانيا مستقبلا..؟

  وإذا تحقق هذا  فان الرئيس محمد ولد عبد العزيز سيضيفه  إلى قراره وسيرفع من أسهمه كشخص ومن سمعة موريتانيا في المحافل الدولية ويضمن مستقبل البلد .

جمعة, 25/01/2019 - 15:35