تحليل في سيناريوهات واسباب الانسحاب الامريكي من سوريا!!

 احمد القطامين

يقول البعض ان ما يحكم طريقة الرئيس الامريكي ترامب في اتخاذ القرار هي عقلية التاجر. فالتاجر يعشق عملية جني الارباح ويشعر بنشوة الانتصار اذا كانت كلفة تلك العملية المالية منخفضة، لذلك يصبح مفهوما السبب الكامن وراء سحب القوات الامريكية من منطقة شمال شرق الجمهورية العربية السورية.

اما البعض الاخر من المحللين والمراقبين فيشير الى ان سحب القوات الامريكية هو مقدمة لتوجيه ضربة عسكرية قوية لايران، الدولة التي تصنف امريكيا بانها الجهة الوحيدة في المنطقة التي تشكل تهديدا مباشرا وذو مصداقية لاسرائيل، وان ما قام به من سحب مفاجئ وعلى عجل لقوات بلاده من سوريا هو في الواقع إبعادا لتلك القوات حتى لا تكون في مرمى الصواريخ الايرانية  من مواقعها في ايران والعراق وسوريا اذا ما بدأ ت الضربة.

وهناك نظريات اخرى كثيرة تحاول تقديم تفسير للانسحاب كتبرير ترامب نفسه مثلا في احدى تغريداته عندما عزى سبب الانسحاب الى هنالك اطرافا في المنطقة وحددها انها ايران وتركيا وروسيا عليها ان تقوم بدورها في محاربة داعش وان امريكا قدمت الكثير في هذه الحرب دون ان تجني اية فائدة منها (يقصد فائدة مالية طبعا).

مع ذلك، وبالرغم من ان بعض هذه النظريات تقدم تفسيرات معقولة للانسحاب الا انني اعتقد انها جميعا نظريات غير دقيقة بما يكفي لتقديم تفسير منطقي متكامل لما جرى خاصة اذا اخذنا بعين الاعتبار الحالة السيكولوجية لترامب ذاته. فترامب يُجير كل مواقفه وقراراته وتصريحاته لخدمة حالة واحدة هي (ترامب) ذاته واعادة انتخابه في انتخابات عام 2020.

فترامب غير قادر على شن حرب على ايران اصلا، لان  حربا على دولة كبيرة وقوية  ومسلحة جيدا كايران ومحاطة من جميع الجهات بدول فيها مصالح امريكية حيوية هائلة في كالخليج واسرائيل وتمتلك شبكة من العلاقات العضوية القوية مع روسيا والصين وتركيا والعراق وسوريا ولبنان (حزب الله) يجعل من اي حرب معها مقامرة غير مضمونة النتائج وتتسبب بخسائر مادية (وهذا بالنسبة لترامب موضوع مهم) وخسائر استراتيجية هائلة.

ترامب يعلم ان اي جندي امريكي يقتل في المعركة سيقود الى تدمير حظوظه في الانتخابات القادمة وهو يعلم ان الدولة العميقة في امريكا وفي مقدمتها وسائل الاعلام ستحول مقتل اي جندي امريكي في معركة ما في الشرق الاوسط تحديدا الى قصة كبيرة تدمر طموحات ترامب في الفوز في تلك الانتخابات. وهويعلم ايضا ان اخطر منطقة من الممكن ان يتواجد فيها الجنود الامريكين هي منطقة شرق الفرات المحاطة باشرس انواع المقاتلين من ايرانيين وعراقيين وسوريين واتراك وسيحولون الجنود الامريكين الى رهائن في اية لحظة يتطلب الامر ذلك مما سيضع ترامب في موقف ضعيف للغاية ويتيح لاعداءه في الداخل فرصة اضافية للانقضاض عليه وتدمير حظوظه في الاستمرار في الحكم.

اذن الرجل صادق فيما فعل وانسحاب امريكا من المنطقة عملية لها ما يبررها  تماما من وجهة نظره، وعند الامريكان ان تسحب القوات من منطقة فيها حروب ونزاعات دائما يواجه باستحسان ودعم شعبي واسع في حين ارسالها الى مناطق الحروب يضعف من شعبية الرئيس.

رأي اليوم 

اثنين, 11/02/2019 - 10:30