الطريق إلى القصر الرمادي (3)

عثمان جدو

بعد الجزء الأول والثاني من اللذين كتبا تحت نفس العنوان؛ وتعرض الأول منهما لفترة ما قبل بدء الحملة الانتخابية وكان الثاني حول فحوى خطاب المرشحين؛ نركز اليوم على أهم الداعمين للمرشحين، سواء كان أولئك الداعمون ساسة أو شخصيات اجتماعية مهما كانت طبيعتها، أو بالأحرى سلوكا أو إجراء، شكل عنصر استقطاب أو كان عمل تنفير.

نبدأ بمرشح الإجماع الوطني الذي كان رفيقه الرئيس المنتهية ولايته أكبر الداعمين له، وسواء كان دعمه للمرشح أو تقديمه أصلا حدث تبعا لبعض الدوافع التي مافتئ البعض يشير إليها فإننا سنقف فقط عند طرح ظاهر لا يحتاج الإيغال في التفتيش ولا الإكثار من التخمين، ومن ذلك أن دعم الرئيس الحالي لمرشح الإجماع يأتي أولا لمصلحته هو ولمصلحة أعوانه ولمصلحة من كتب له الانتعاش في عهده؛ قبل أن يكون ذلك لمصلحة مرشح الإجماع ولمن سيعتمد عليهم في تنفيذ وعوده وتعهداته حال انتخابه، فقبل خيار مواصلة النهج أو تهذيبه –وهي الأولى- أو تحسينه –وهي أنفع- فإن اطمئنان الرئيس المغادر على أن الرئيس الوافد الذي سيجلس على كرسي الحكم ويدير شؤون البلاد، ليس المنافس السياسي وعدو التوجه؛ الذي سيتقرب من المواطن لا محالة بشعارات من ضمنها: المساءلة، المحاسبة، المضايقة... بل هو الصديق الوفي، والوفي؛ صاحب العهد، المعاهد للمواطن على الإصلاح والتهذيب والتعمير والإنجاز، كما أن هناك شخصيات كبيرة، دعمت المرشح كخيار وتوجه، وتدعمه الآن بالتعبئة له والتبعية والمساندة، منها جميع رموز الموالاة، وطبعا يتفاوتون في طبيعة الدعم والمساندة وفي جدية ذلك، وصدقية المواقف، منهم من يبذل الجهد والمال والوقت، وتكون سريرة المناصرة عنده أحسن من المجاهرة، وطبعا من المناصرين المتمظهرين، سواء رابطوا إلى جانب المرشح وخطفوا الأضواء في الظهور، فإن مناصري هذا المرشح وأكثرهم فاعلية هم أولئك الذين آثروا التأثير والفعالية على الظهور والتمثيل وإن اقتضى منهم ذلك الابتعاد عن أضواء العاصمة، وبهرجة مبادراتها، المهم عندهم كسب المرشح للرهان.

بالإضافة إلى الموالاة الداعمة بأكملها تقريبا، هناك طيف كبير من المعارضة يدعم هذا المرشح في سابقة سياسية بكر؛ تميزت بوجود أسماء مضيئة في العقد الناظم لهذه التيارات والجماعات، المعارضة بالأمس، الموالية اليوم، الداعمة بقوة، ومنها استئناسا لا حصرا: -الرمز مسعود وحزبه، ولد الواقف وحزبه، عمر الفتح وولد محمد موسى وطيفهم السياسي وجماعتهم الخاصة، ومن ذلك ولد أمات وتاريخه ومواقفه ونضاله قبل جماعته، وآخرون كثر دعموا هذا المرشح واصطفوا خلفه؛ وهذا خزان انتخابي وطاقة جديدة داعمة للمرشح، ودافع قوي، يقوي نقاط قوته هو التي من إضافة إلى ما سبق، تاريخ المرشح النظيف وصيته الحسن، وتسييره الموفق، في كل ما أوكل إليه أو باشره من مسؤوليات؛

ينضاف إلى ذلك -وليس دونه- كون المرشح حظي من الله تبارك وتعالى بسند هام هو خير معين، يتمثل في زوجته المثقفة الخلوقة، ذات المنبع الطيب والخلفية الأسرية الكريمة؛

ونقيضا لما تقدم يمكن القول أن الطريقة التي تمت بها إدارة الحملة الدعائية للرجل –بالمجمل- لم ترق إلى مستوى توقعاته هو، ولا لمستوى تطلعات أنصاره، ولم تعكس حجم المقدرات، ولا حتى قوة المنافس في ذات المجال، لا ظاهريا –على أرض الواقع- أو إعلاميا، أو افتراضيا في فضاءات التواصل.. لكن حجم معانقة الموطن لخطاب المرشح وأمله في تحقيق أمنياته من خلال تنفيذ تعهداته، جعل كل محطات المرشح وتفاعل الجماهير يغطي على النقص ويحجب الخلل، ويلبسه لبوس القبول.

وبالنسبة للمرشح: سيد محمد ولد بوبكر، فإن أهم داعميه –حقيقة- شباب حزب تواصل، وتعمدت ذكر الشباب لأن فرس الرهان عند التأمل في ميدان النزال السياسي وساحة الدعاية للمرشح؛ يتمثل في ذلك النشاط الحيوي لشباب الحزب، والذي يرتبط بشبكة اتصالات تمكنه منه التواصل مع أقصى ممثل في أبعد نقطة من خلال برامج وتطبيقات ألكترونية، يعملون بثبات وانسجام دون كلل أو ملل، ويمكن القول أنهم استغلوا وسائل التواصل الاجتماعي أحسن استغلال، ربما لو خظي المرشحون الآخرون -ومن ضمنهم مرشح الإجماع- بهذا النشاط الإعلامي لأضاف لهم ذلك الكثير والكثير.

من أكبر الداعمين للمرشح –أيضا- تلك الشخصيات المالية المقيمة خارج البلاد، وهي الشخصيات المعلومة الدور والتوجه والحافز..

تحريك المرشح للتاريخ يضره أكثر خاصة إذا توقف استحضار الماضي عند ذكر العلاقات مع الكيان الصهيوني البغيض ووجود الرجل حينها على رأس الجهاز التنفيذي للدولة في غير ما مرة، دون ذكر أو استحضار استقالة أو تلويح بها أو إسداء رأي للرئيس أو تقديم مشورة لا تبارك تلك العلاقات.

أما المرشح بيرام الداه أعبيد فقد أظهرت الصور الواردة من فعاليات لقاءاته بالمواطنين الحشد الكبير والالتفاف الشعبي –غير المسبوق- حول الرجل، كل ذلك يوجه رسالة قوية إلى الخصوم، وإلى الذين يضنون على الرجل بثاني التصنيف بعد يوم الاقتراع، فواقعية المشهد تقتضي أن يحسب لهذا الرجل حساب واقعي، بعيدا عن العاطفة، فكثير من المساندين والداعمين لهذا الرجل، يستقطبهم خطابه –قبل أي شيء آخر- ويفتنون بالكاريزما التي تميز الرجل، وقوتة في طرحه، وخدمته لنفسه وتوجهه ومشروعه، طبعا المرشح مدعوم من الحزب القومي المتحالف معه، لكن الدعم الشعبي الأكبر هو ذلك الدعم القادم من الجناح السياسي لحركة –إيرا- (حزب الرك)  غير المرخص، فهو طبعا السند الأكبر والخزان الانتخابي المعول عليه من المرشح وداعميه للوصول إلى أبعد نقطة في لوحة التنافس.

أما المرشح ولد مولود فإن داعمه الأساسي هو ما يميزه عن غيره من رسوٍ على ثابت مسلمات المعارضة الراديكالية والتزامه بلزوم ذلك الخط، دون حيد أو تحول يتبع بتبيان أو تلميع أو تبرير أو يشفع باعتذار، الرجل ثابت على نهجه ثبات الراسيات؛

يدعمه الرئيس أحمد ولد داداه، برمزيته الكبيرة ونضاله التاريخي وتقارب خياره مع المرشح ومنهجه ومعتقده السياسي.

أما كان حاميدو بابا، فيعتبر من المرشحين الذين احتوت عليهم الدائرة الضيقة في هذه الحملة الانتخابية، فكانت خلفيته الاجتماعية هي لوحته الانتخابية المعروضة، ولعلها تكون له السند الوحيد إلا إذا أضيف لذلك استثناءات من قبيل وجود شخصيات داعمة للمرشح، والتي ظهر بعضا إلى جانبه، نذكر منهم القيدوم السياسي: الشبيه ولد الشيخ ماء العينين.

أما بالنسبة لولد الوافي فإن أكبر داعم له هو ذلك الطموح الشبابي الكبير الذي زاوجه المرشح ببساطة الأسلوب الدعائي من خلال تحويل الأسواق وأماكن التجمعات العادية إلى منصات انتخابية تتيح له التلاقي المباشر مع بسطاء الناس، وكثير منهم كان قد طلق الانتخابات وهجر أهلها وآثر العزوف والمقاطعة فإذا نجح هو أو غيره في جلبهم إلى المشاركة فسيكون له فيها قول وفعل وحساب ونتيجة.

أخيرا، في نهاية هذه المحاولة لقراءة المشهد السياسي الانتخابي، نرجو من الله العلي القدير أن يولي أمورنا خيارنا، وأن يدبر علينا فإنا لا نحسن التدبير، وصل اللهم وبارك على سيد الأولين والآخرين؛ محمد صلى الله عليه وسلم.

سبت, 22/06/2019 - 08:21