القرص الأحمر أو القرص الأزرق: التعليم والإبداع في موريتانيا

الدكتور سيدي ولد اصوينع أستاذ جامعي

اسمحوا لي أن أبدأ بهذه العبارة : أنا أُأيِد برنامج السيد محمد ولد الغزواني الانتخابي وأطالب بتنفيذه. لقد استهلَيت مقالي بهذا التصريح الموجه إلى القارئ السطحي أو المستعجل. إذا كنتم واحدًا من الذين يهتمون بالعناوين الرئيسية فقط، فيمكنكم التوقف عن القراءة. أما إذا كنتم مهتمًين بالغوص معي بحثا عن أفكار جيدة يمكن أن تساعد في تحويل بلدنا نحو الأفضل، فالرجاء المواصلة في قراءة هذا المقال. إن الفكرة من وراء هذا المقال هي تشريح وتحليل الوضع السياسي و الاجتماعي الجديد بقدر من التفصيل و سردِ لما أعتقد أنه نقطةَ تحوُل في تاريخ موريتانيا.

*ليس هذا بمقال سياسيٍ البتة* لقد تحققت أخيرا أمور تاريخية من مشاريع اقتصادية وإستحقاقات ديمقراطية باقية لموريتانيا نذكر منها التناوب السلمي على السلطة - لأول مرة في تاريخ الوطن - و فتح البلاد أمام الشركات الأجنبية و حرية التعبير. وعليه لن يفوتني أن أدعو باسم المهتمين بالشأن العام بانصاف وتكريم السيد الرئيس محمد ولد عبد العزيز الذي تحققت هذه الأمور التاريخية في ولايته. أعلن انني سوف ادعوا باسمي ومجموعة من الخبراء الوطنيين غير ممتهني السياسة  و باسم المعهد الموريتاني للإبداع والتكوين بتنظيم هذا التكريم.

المفاتيح: نماذج الديمقراطية، التعليم - الإبداع و الابتكار.

الجمهور : القارئ الوطني ، بعض القراء الدوليين.

الفقرات:

1. صوتُ الفعل أعلى  من الكلمة

2. التوقيت هو كل شيء

3. هل هي مقاربة ديمقراطية جديدة؟

4. قوة التفكير الإيجابي

5. أنا وخصمي سواسية

6. في خضمَّ الهوية والديمقراطية

7. لنضع المقاربة على المحك

8. دَعواتُكم لي و للحل التالي

9. لِننسي قصة الفيلم

1. صوتُ الفعل أعلى  من الكلمة

منذ أربعة أعوام، عندما قررت قطع رحلتي في الاغتراب و التي تصل مدتها إلى خمسة وعشرين عامًا من الدراسة والعمل والبحث العلمي في في اليابان واستراليا والولايات المتحدة الأمريكية وكندا و قررت الاستقرار في البلاد، لاحظت مقارنة بزياراتيَ القصيرة السابقة، أن موريتانيا قد تقدمت نحو الأفضل وذلك في عدة ميادين. فكما كان الأمر واضحًا بالنسبة لي, آمل انه كان كذلك بالنسبة لغالبية المغتربين مثلي - أي الذين  هاجروا وعادوا بانتظام لفترات قصيرة - حيث لوحظ أن هذا التغيير قد حدث في العديد من المجالات. في القوة الشرائية والبنية التحتية مثلا. لم تكن هذه الأمور واضحة للشخص العادي مثلنا فقط, بل أفادت مؤشرات الاقتصاد الكلي للبنك الدولي بأنها في ارتفاع واضح [1]. و بالإضافة طبعا إلى تلك المجالات التي كان التقدم فيها جليا فإن مجالات أخرى مثل التعليم والابتكار كانت لم تزل متخلفة.

كثيرا ما تُعلمنا الحياة والدراسة والعمل أن المرء يحتاج إلى القيام بالأمور العملية أكثر من مجرد الكلام. و لهذا السبب و بعد عودتي إلى الوطن قمت بعد فترة من التأمل والملاحظة  وبمساعدة البعض بتأسيس معهد للتكوين المهني في عام 2015 حيث نسعى أن يصبح معهدًا للتعليم العالي قريبًا, وأن يتم اعتماده من قِبل إحدى مؤسسات الاعتماد الأمريكية للتعليم العالي. وبالتالي أود أن أقول إنني آمل أن أكون قد قمت بعمل ملموس للمساهمة في تنمية البلد، على الأقل على مستواي الشخصي.

فلماذا أكتب إذا مقالا حول التعليم الابداع في موريتانيا الآنَ بالتحديد؟

2. التوقيت هو كل شيء

لقد قامت معظم الدولِ التي عانت من  تحديات أساسية معروفة, بتحقيق اختراقات ليس فقط نتيجة  لكونها تمتلك المتطلبات الرئيسية, مثل الموارد البشرية والسوق والابتكار والمعلومات والديمقراطية والإبداع وما إلي ذلك, ولكن أيضًا بسبب التوقيت. 

لمعرفة ما إذا كانت موريتانيا جاهزة لاختراق المستقبل أم جاهزة لتحقيق قفزة, يتعين على المرء أن يتساءل ببساطة  عن ماهية المتطلبات الرئيسية التي بحوزتنا و المعايير الزمنية التي تجعل التوقيت مناسبا؟ 

إليكم بعض الأفكار في هذا المضمار : 

1. وعي المواطنين الواضح حول الإمكانيات والقدرات الكامنة للبلاد,

2. الوعي بالحاجة الملحة للحرية والديمقراطية والعدالة، مدفوعًة بشكل رئيسي بالتناقضات الاجتماعية والاقتصادية بالإضافة إلى تدفق المعلومات الواردة عبر الإنترنت.

3. الاكتشافات المعدنية والغازية التي تأخذ حقها من الاهتمام الدولي والوطني والتي نأمل أن يتم تسييرها جيدا.

4. على الرغم من أنه ربما يكون واضحًا للنخبة ويحتاج إلى بعض التفكير من قبل المثقفين، خطابات المرشح الرئيسي في الانتخابات الرئاسية 2019 التي قدمت نموذجًا ديمقراطيًا جديدًا مثاليًا لهويتنا والذي كان تركيزه على التعليم - و بدرجة أقل على الإبداع. (الفقرة التالية).

هذه هي بعض المتطلبات الرئيسية والوقتية التي جعلت من المناسب لبلدنا القيام بتحقيق قفزة غير مسبوقة إلى الأمام. 

لذلك دعونا نراجع بعض هذه الأفكار بدون أي ترتيب معين.

3. هل هي مقاربة ديمقراطية جديدة؟

خلال تاريخها الطويل نسبيا، في جميع الديمقراطيات "المثالية"، يقوم المنتخبون بتوظيف السياسيين من أجل تنفيذ احتياجاتهم. يقوم السياسيين بلفت انتباه الناخب عن طريق انتقاد الخصم السياسي أساسا. يتم تمجيد السياسيين الذين ينتمون إلى نفس الحزب من طرف زملائهم كما يقومون بانتقاد الند السياسي وذلك بلا هوادة.  كل ذلك بهدف الفوز بثقة الناخب. في واقع الأمر يعتبر هذا مظهرا من مظاهر تحكم الشعب وكونه يمتلك القرار الأخير. من المتوقع أن يُقال إن الآخر فشل حيث نجحنا نحن وفريقنا أو وحزبنا وسنواصل النجاح. و أنت أيها المواطن سوف تكون أفضل حالاً إذا صوتت لنا. هكذا الأمر في جميع الديمقراطيات في جميع أنحاء المعمورة.

 بيد أنه في كلمته التي ألقاها في الفاتح من مارس، والتي قررت ترجمتها إلى الإنجليزية،  حيث سنحت لي الفرصة بالغوص عن قرب في معاني الكلمات، لاحظت مقاربة ديمقراطية جديدة لم نرها أو نسمع عنها في أي مكان منذ الثورة الفرنسية حقا !

4. قوة التفكير الإيجابي

آمل أن أكون دقيقا فيما سأنسب هنا ولكنني أميل إلى القول بان المرشح الرئيسي فاجأ الجميع في خطابه عندما تحدث عن المقاربة الجديدة والتي ذكر خلالها مفهوم "الأجران" للقائد الذي اجتهد وأصاب والأجر والعذر للقائد الذي اجتهد ولم يوفق في بعض الأمور. 

 لم تشهد الديمقراطيات في أي مكان من العالم مثل هذه المقاربة. كان هذا بمثابة تذكير بأن لدينا ما يتطلبه الأمر فيما يخص تقاليد الهوية الثقافية الموريتانية من أجل بناء أي مقاربة ديمقراطية نحتاجها والجمع بينها وبين حقائق القرن الحادي والعشرين لكي نتمكن من الوصول إلى حياة أفضل. 

  وبعد ذكر ما تقدم عن هذه المققد اربة المعلنة، فإن ما لفت انتباهي هو أنها قد جلبت موجات من المؤيدين للمرشح. 

    "إلى جميع الحكومات السابقة، وعلى كل ما بذلتموه من جهود وشيدتم من مشاريع إذا كنتم حاولتم وحققتم تقدماً ملموساً في بعض المجالات، فيجب أن يتم الاعتراف بذلك وإن فشلتم في مواطن فلكم العذر حسب الظروف و التحديات التي كنتم فاعلين فيها"

من الواضح أنه كان على أي مراقب يقظ طرح بعض الأسئلة. إن كان الأمر كذاك كيف يمكننا أن نضع أي قيادة أمام مسؤولياتها إذا؟ ألا يمكن لأي قائد كان أن يقول "لقد بذلت قصار جهدي ولكن التحديات غلبتني"؟ هذه بعض التساؤلات  التي خطرت في بالي بعيد انتهاء التصفيق. كدت أن أقول "لا". "ليست الديمقراطية هكذا" أو كما همس لي صوت الأستاذ الناقد. ولكن بمجرد أن تذكرت نظرية "قوة التعزيز الإيجابي" Positive Psychology توقف هذا الصوت إلى الأبد. 

نظرية التعزيز أو التفكير الإيجابي هي نظرية تهتم بعلم السعادة. تحث علي التركيز علي ما نجح والبناء عليه بدلا من العكس. فهي مقاربة ثورية طُبقت وتطبق الآن في كثير من المجالات من التعليم إلي الإدارة وربما في السياسة والديمقراطية لأول مرة البتة  وفق ما تقدم.

لقد صادفتُ هذه النظرية قبل بضع سنوات عندما كنت أقوم ببعض الأبحاث حول التدريس على المستوى الجامعي في الولايات المتحدة حيث قام أستاذ جامعي بجامعة هارفارد هو من مطوَّري النظرية بتطبيقها في مجالات محدودة للغاية، وخاصة في فصوله الدراسية. و الآن أصبحت هذه النظرية وتقنياتها منتشرة في كل مكان.

5. أنا وخصمي سواسية

الاعتراف للخصم بأي شيء ايجابي يتضمن التحلي بالشجاعة، لأن ذلك مرتبط بعالمنا العاطفي العميق، وبثقتنا بأنفسنا. يميل البشر عادة إلى اتخاذ القرار للدفاع عن هذا الجانب أو ذاك، بناءً على الحالة العاطفية أولاً. ثم يدافعون دفاعا مستميتا عما قرروا, شعوريا أم لا. و حتى إذا قمتم بإثبات أنهم مخطئون، فسوف يستمرون في ابتكار الجدل وتكديس "الحقائق" للدفاع عن حزبهم أو رأيهم. يا لَلتبذير؟ يا لها من خسارة وضياع للحقيقة. ففي بعض الأحيان، ألا يجب ببساطة أن ننحو نحو حال أفضل - خاصة عندما يتعلق الأمر بالسياسة - إذا أخذنا في الاعتبار الجوانب الإيجابية والسلبية التي قمنا بها نحن وخصومنا؟ فإن ذلك حقا سوف يشكل قمة في الإنجاز  والتعاون الإنساني. 

كيف يمكن لرجل ولد في أعماق الصحراء أن يفهم ويستخدم مثل هذا المفهوم الحديث. كيف يمكن لهذا الرجل أن يكون واثقا من هذه المقاربة، إلى حد بناء فلسفة حكم كاملة على أساسها؟ كيف لذلك أن يكون؟ هل هي حكمة الصحراء؟ تربيته الإسلامية ؟ التقاليد الصوفية للطريقة الشّاذلية التي سمعت أن عائلته متأصلة فيها؟

لا شك, على الأرجح, أنه مزيج من ذلك كله. ومع ذلك فأنا أميل إلى القول بالطريقة أساسا. فقد كان لي شرف القراءة عن هذه الطريقة و تعلم القليل عنها عن قرب من خلال شيخ صوفي في أستراليا أوائل عام 2002 و الذي أهداني نسخة من الفتوحات المكية للشيخ الأكبر وفيلسوف التأمل محي الدين ابن عربي الذي تأخذ الطريقة من أبحره الكثير.

6. في خضمَّ الهوية والديمقراطية

لا تحتاج الأمة إذا إلى استنساخ مُشاحنات التنافس السياسي الغربي باسم "تصادم الأفكار يحقق نتائج أفضل". أو باسم  "تصادم الأفكار يكشف الحقيقة". فأنا بودَّي أن أختلف إلى حد ما مع هذا الطرح عندما يتعلق الأمر بالانتخابات والديمقراطيات. لأني أعتقد أنه يمكٍن من التلاعب بسهولة بالناس من أجل صرف تفكيرهم عن ما هو أهم.

باعتبار جميع ما تقدم فإني أجد انه علَيَّ أن أقول انه إذا وُفقنا بالاستمرار في هذا النهج فإنني أصبحت واثقا من مستقبلنا أكثر من ذي قبل. حيث أن هذه المقاربة مناسبة لدنيها و هويتنا الثقافية والتاريخية بالإضافة إلى تماشيها مع النهج الغربي المجرب طويلا  والمجسَد في الآية "أمرهم شورى بينهم" *42:38* و إلي مقولة الأجرين الأنفة الذكر وأيضا "إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت" التي وردت هي الأخرى في الخطاب واللتان تجسدان نظرية التعزيز الإيجابي.

لقد مرت أغلبية الاعتناقات الديمقراطية - إن صح التعبير- بتحديات مهمة مما أدى إلى ميلاد مدارسَ جديدة تدعو بتخفيف الضغط على الشعوب من أجل ترسيخ الديمقراطية.  و حتى أن هناك الرأي القائل إن بعض الشعوب والمجتمعات تبلي بلاء حسنا تحت الحكم الأوتوقراطي أو الدكتاتوري. كل ذلك يُظهر أن الديمقراطية ليست غربية ولا شرقية وإنما لكل مجتمع روابط كامنة بهويته ونمط حياته تربطه بالديمقراطية.

7. لنضع المقاربة على المحك

تكلمت آنفا عن أهمية تَكْمِِينِ الهوية في النهج الديمقراطي من أجل كل تقدم عَمَلي. هنا تكمن في اعتقادي قوة المقاربة و من ثم إحتمالية إعجابك بها. كيف لنا إن أخذنا ذلك كله نصب الأعين أن نتصور تجديد نظامنا التعليمي إذا ؟ كيف لنا أن نخوض رحلة الإبداع من اجل التقدم؟[ii

إن نظرة سريعة إلى تاريخ نظامنا التعليمي تُجْلِي (تدل على) أننا نشكو من أزمة في الهوية خاصة إن تعلق الأمر باللغة المستخدمة في التعليم.  لقد بدأنا بالفرنسية، ثم العربية، ثم اللغتين العربية والفرنسية. ثم عُدنا إلى اللغة العربية والآن لدينا اللغتين العربية والفرنسية في التعليم منذ مرحلة الطفولة المبكرة حيث تبقى المواد العلمية باللغة الفرنسية والأخرى بالعربية.

من الواضح أن هذا يدعو إلى الشفقة و أن سماعه ممِل و يصعب قبوله. ولكن هناك في اعتقادي أملا كبير خاصة إذا أخذنا الهوية والوحدة في الاعتبار. من المهم هنا ذكر أن دوَّلًا كفرنسا واليابان تمكنتا من تجاوز محنة الوحدة بفرض لغةٍ واحدة. ولكن هل سيكون ذلك ممكنا عندنا؟ هل الظروف التاريخية متقاربة؟ كيف ستقاِوم القوي المختلفة هذه النظرة إذا فُرضت لغة واحدة؟ يحتاج  الجواب إلي أكثر من هذا المجال وليس الأمر جليا لي في الوقت الحاضر. إلا أني أميل إلى الاعتقاد بأن اللغة الفرنسية باقية مع تراجع نسبي لا مناص منه. المهم عندي الآن هو كيف إذاَ سيكون الحل في خضم المقاربة الجديدة؟ اعتقد انه لا بد من الأخذ بهويتنا الدينية و الوحدة و تعدد الأعراق و ماضي الاستعمار والانفتاح على العالم كرباعي بالغ الأهمية.

أيضا عندما يتعلق الأمر بالتعليم فلا بد من اختيار لغة أو لغات تتمتع بخاصية التطبيق. أي أنها تُعِين الإنسان على تجسيد الأمور وتحويلها من عالم الخيال إلى عالم الماديات. الأمر الذي في اعتقادي أن اللغة الانجليزية تتمتع به وبجدارة أكثر من غيرها.

8. دَعواتُكم لي و للحل التالي

الاقتراح المذكور أعلاه ليس خالٍ من التحديات. أقترح أربعة لغات كل تلعب دورها على شرط الحفاظ على الوحدة ( المخطط 1) اللغة العربية للحفاظ علي هوية موريتانيا التراثية والدينية, اللغة الانجليزية لفتح موريتانيا على العالم, اللغات الوطنية للحفاظ على الوحدة الوطنية, اللغة الفرنسية للحفاظ على صداقتنا وعلاقتنا الثقافية في الفضاء الفرنكوفوني. 

Diapositive1.PNG

Figure 1.

الاقتراح أن الأطفال يدرسون اللغة العربية و الانجليزية من الصبي. يدرسون لغة وطنية واحدة مختارة واللغة الفرنسية على شرط أن يتعلق الأمر بشهادات تضمن مستوى دوليا معينا قبل شهادتي الإعدادية او الباكالوريا.  كما اقترح أن يكون التعليم الجامعي لغير أهل التخصص 

إليكم التفسير.

 ربط اللغة العربية بالهوية منطقي جدا ويمكن أن يتحقق إذا لم تحذف مجموعات الدفاع عن اللغات الوطنية واللغة الفرنسية من الصورة. بتعبير آخر يمكن للجميع أن يجد كرسيا على الطاولة إذا اتحدت القوى الأربع.

ولمن تقلقهم مقاومة القوى الخفية والجلية المدافعة عن اللغة الفرنسية واللغات الوطنية أقول إن فاعلية الشهادات الدولية عند الإعدادية أو الثانوية يجب أن يطمئنهم؟ 

أما فيما يتعلق   بعلاقة موريتانيا مع فرنسا اذكر أن فرنسا علمت الكثير للبشرية  - ومن ضمنها نحن – منذ ما قبل فترة التنوير وفلاسفتها المعروفين, ومن  الممكن أن تستمر في ذلك. ولكنني أقترح أن توضع وحدة موريتانيا وهويتها وانفتاحها على العالم بشكل جدي نصب الأعين.

علي الرغم من أن كوْن الهوية واللغة أساسيتين في التعليم لن انسى طبعا أن اللغة وحدها بعيدة كل البعد عن أن تكون كافية للنهوض بالتعليم. فلا بد من الجودة و إلزامية التعليم وتشجيع المدارس واستخدام التكنولوجيا من ضمن أمور أخرى.

9. لِننسي قصة الفيلم

في أحد أعمق أفلام الخيال العلمي التي درستها The Matrix  أو المصفوفة, يلتقي الممثل Neo بمعلمه (أو شيخِه) في مكان ليس من هذا العالم, ويسأله الشيخ أن يتخذ قرارا من أهم القرارات التي سيتخذها في جهاده للوصول إلى التنوير. عليك يا Neo  أن تقرر أن تتناول أحد القرصين الأزرق أو الأحمر. فإذا تناولت القرص الأزرق سوف أريك "أين تنتهي حفرة الأرنب". سوف تري أسرار العالم او المصفوفة و سوف تكون مستنيرا. أما إذا تناولت القرص الأزرق فسوف تستيقظ في سريرك وكأن حديثي هذا معك لم يكن إلا مجرد حلم. قرر Neo  تناول أحد القرصين مما خوله من مرافقة شيخه في مغامرة شيقة.  

لننسي قصة الفيلم في حد ذاته للحظة, وما كان الشيخ يريد أن يعلم مريده ونتساءل: لماذا لم يسأل Neo   معلمَه "ماذا لو تناولتُ القرصين؟" 

القرص الأحمر والقرص الأزرق هما الإبداع والتعليم. فالإبداع يبدأ في عالم الخيال بتصور حلول لمشاكل صعبة الفهم و الحل, مشاكل ليس لها من مصدر علمي ومادي يُعين عليها. ولكن لدى الإبداع  حكماء ساروا على طريق الإبداع وأصبحوا قادرين على الابتكار المُمَنهج.

أما التعليم فهو  بمثابة الجهاد للحصول على ما يلزم من الفهم والمهارات اللازمة للبقاء. ولكن صاحبه معرض للفشل نتيجة لعدم قدرته على التصور والخيال كما في الإبداع.

الاثنين سيمكنانا من قطع دوامة الاستنساخ الأعمى. سيمكنانا من ابتكار الحلول الضامنة لتقدمنا تماما كما في مقاربة الد مقراطية التي ذكرت في خطاب واحد مارس. 


[i] سنقدم المزيد حول هذه الثنائية وبعض الحلول المقترحة لاحقا.

[ii] الإبداع الاختراع الممنهج الذي يمر قليلا بما عهد من حلول. الإبداع وليس الاختراع.


 

اثنين, 29/07/2019 - 12:06