الفقر عن كثب (1)

خميس, 2018-06-21 12:26
عبد القادر محمد

قبل مدة و في خطابه أمام ساكنة النعمة تحدث رئيس الدولة على طريقته عن الزواج العشوائي و تأثيرات اللامبالاة الذكورية على تنامي معدلات الفقر و التشرد بين الأطفال. ثرنا كنشطاء ضد التصريح المستفز الصادر عن أعلى هرم السلطة و إن كان ينطوي على حقائق مؤسفة يدعمها الواقع بأرقام و معدلات و وقائع معاشة بشكل يومي.
لأن نشطاء لحراطين كغيرهم من باقي النشطاء المتناثرين في المجتمع الموريتاني، يجيزون لانفسهم ما يأبون قول الآخر له تماما كما يفعل الآخر حين يتحدث الحرطاني في غير مظلمة لحراطين حيث تهم العنصرية و الحقد و الكراهية و التطرف و حب التفرقة هي التهم الإعتيادية التي يتم الرمي بها كنوع من القمع. جاز لنا من هذا المنطلق تحميل رجال لحراطين بشكل خاص جزءا كبيرا من تردي اوضاعهم و تأزيم أحوالهم نتيجة لامبالاتهم بمستقبل الأجيال التي خلفوها.

إن أحد أهم العوامل التي تساهم بشكل مباشرة في تنامي معدلات الفقر هو الطلاق و هجرة الرجال بحثا عن عمل، و نتيجة للظرفية السيئة(تغير المناخ و استنفاد الموارظ الطبيعية) تعيش العائلات الحرطانية التي ترتكز اساسا على تنمية الماشية و الزراعة هجرة متزايدة بحثا عن فرص عمل في المدن و المراكز الحضرية لينتهي الأمر برجال لحراطين الذين هجروا أماكنهم الأصلية كادحين في قطاعات البناء او التجارة او الخدمات غير المصنفة و التي لا تلبي طموح العيش الكريم.

في السابق كانت الهجرة شائعة جدا بل و حتى مطلبا، غير أن الرجال كانوا يعودون إلى ديارهم بشكل دوري احيانا تحت سلطة المجتمع المقوننة بإسم الدين- يمكن للمرأة ان تشترط على الرجل فترة زمنية يعود فيها إليها و إلا فأمرها بيدها- تاركين أعمالهم في المهجر او في المدن الجهوية، و احيانا يعود في مواسم البذر و الحصاد من اجل استغلال الأرض و التنعم بما يخرج من بطنها من نبات.

ظاهرة هجرة الرجال من الريف إلى المدن الجهوية او إلى الخارج او من مدينة لأخرى أصبحت تتزايد بوتيرة سريعة و بمعدلات ضخمة و هي ظاهرة لها تداعيات خطيرة منها ما يتعلق بالأسرة (التفكك الأسري و فقدان النموذج المربي) و منها ما يتعلق بمعدلات الفقر حيث أن بعض الرجال و مع قضائهم فترات زمنية طويلة بعيدة عن أسرهم غالبا ما يتخلون عنها و يهجرونها تماما ليأسسوا اسرا جديدة في الأماكن التي يعملون بها. اما مصير أسرهم المتروكة في الريف فنتيجة الطبيعة لذالك أسرة مشردة متفرقة و فقيرة متروكة تحت رحمة الله و جهود سيدة عادة لم تتكون تكوينا جيدا يسمح لها بمصارعة صعوبات الحياة و المكافحة و الصمود من أجل البقاء فنتيجة ذالك في الغالب أسرا مفككة ،تعيسة،مشردة و فقيرة فقرا مدقعا.

الطلاق في شرعنا بيد الرجل وحده و لكن هذا الدين الجميل الذي يستغله الجميع لمصالحهم واضح جدا في ما يتعلق بالحقوق قبل الواجبات و مع ذالك يستمر البعض في الاعتداء على تلك الحقوق و التحايل عليها عن طريق قرار الطلاق و الهجر الذي تدفع الأسرة الحرطانية في الريف ضريبة باهظة كثمن له...

يتواصل

..........................

نقلا عن صفحة الكاتب