هل اتفاق السلام بمالي في مدار المجهول؟

ثلاثاء, 2015-06-30 20:29
حسين أغ عيسى

مضت أسابيع بعد التوقيع على اتفاق السلام و المصالحة في مالي من دون أن يطرأ عليها أي تطوّر يخرجه من فم قال قائل قيل، لا بل إن هذا الملف يزداد تعقيداً يوماً بعد يوم، وتستمر مع ذلك حالة الترقب السلبية للمدى البعيد، حيث لا أحد من الماليون يملك أي فكرة للخروج من هذه الأزمة، ففي داخل الحركات الأزوادية الأفق مقفل وكذلك حال الحكومة المالية.
 مصير الاتفاق بين الفرقاء الماليون ما زال في مدار المجهول، كما هي الخطوة المرتقبة لجنة متابعة تطبيق ماتم الإتفاق عليه، لأن الوساطة الجزائرية والدولية اخذوا خيار تأجيل الخطوة إلى ما بعد وضوح الرؤية بين الأطراف، أما الفرنسيين المعنيين أيضاً بالملف الأزوادي، عفوا المالي، فلا هم لهم إلا التفتيش عن دور في الساحل بأي ثمن، ولذا تراهم غير مكترثين مهما طال أمد الشغور الأمني في المنطقة بأسرها طالماً هم من  يسيطر على الوضع الأمني وقواتهم تسيّر أمور البلاد والعباد.

و أمام هذه المشهدية غير المطمئنة إلى متى سيبقى الشعب الأزوادي على رصيف الإهمال الإقليمي والدولي وعدم الاكتراث المحلي؟
يبدو أن هذا المشهد سيبقى هو السائد لفترة طويلة ويعود السبب في ذلك إلى كون أن الدولة الأزوادية المزعومة والدولة المالية القائمة بأمهما وأبيهما فاقدة للتوازن والموازنة والأمن والثقة، وما بين هذا وذاك حكومة لا تمشي إلا بقوة دفع قهرية بشكل يدفع إلى السخط الحقيقي من قبل الشعب الذين لم يعد ينتبهوا إلى المواعيد التي تضرب وترحل لجلسات شبه تفاوضية، لكن الشعب الأزوادي-المالي اليوم لم يعد لهم من همّ إلا كيفية التفتيش عن لقمة عيشهم في الوقت الذي يضعون فيه أيديهم على قلوبهم خوفاً مما يُحكى عن الوضع الأمني إن كان على الحدود مع موريتانيا أو ساحل العاج ’’كوتديفور’’  أو مع دول أخرى، بعد المعلومات التي تحدثت عن إمكانية عودة موجة الحركات الإسلامية إن كانت الموجة أصلا غير موجودة مما قد يسبب الكثير من الاغتيالات في حال عودة من هم وراء الحدود إلى أراضيهم.
 ما قد يؤدي إلى فشل اتفاقية السلام والمصالحة في مالي الموقعة يوم 20 من الشهر المنصرم.
  
لأن هناك من بات يجزم بأن الأسابيع وحتى الأشهر المقبلة لن تحمل أي ايجابيات على هذا الصعيد وذهب البعض إلى الجزم بأن لا سلام ولا اتفاقية فما بالك بتطبيقها في ما تبقى من تاريخ الجارتين، وهؤلاء يبنون معلوماتهم على العقبات التي ما تزال تعترض سبيل الاتفاق والتي يأتي في مقدمها الرسالة التي بعث بها أعضاء منسقية الحركات الأزوادية للوساطة والحكومة المالية مفادها أن أي اتفاق بإمكانهم إلغاؤه بشطبة قلم في حال أي اختراق لها.
غير أنهم ورغم النظرة التشاؤمية التي يرسمونها حول الاتفاق لم يقفلوا الباب بالكامل على إمكانية ولادة تسوية قيصرية للاتفاق في حال نجح الحكومة المالية بتنفيذ بنود ما تم التوقيع عليه.
 و جدية الوساطة الدولية على مواجهة الجماعات الإرهابية الذين يستنفرون كل قواهم في سبيل منع حصول هذا الاتفاق الذي يعتبرونه خطراً على مشاريعهم في المنطقة.
وتحركاتهم الأخيرة في محافظة ’’نارا’’ الحدودية بين مالي وموريتانيا و ’’فاكولا’’ قرب حدود الكوتديفور خير دليل على ذلك.
 كأن هؤلاء يقولون لا صلح ولا سلام من دوننا!
وهل يا ترى إن كانوا حقا يقولون ذلك سيعيد المجتمع الدولي النظر إلى ملف هذه الجماعات وأخواتها؟
 
والسؤال الذي يطرح نفسه، هل يبقى الاتفاق في حالة المراوحة إلى أن تتضح معالم غبار  المعركة ضد هذه الحركات؟

تسارع أوساط سياسية أزوادية-مالية وحتى أجنبية إلى الإجابة على هذا السؤال بكشف معلومات مستقاة من أكثر من ناشط مفادها أن هناك نصيحة تتكرر يومياً على لسان أكثر من شخص متابع للأحداث الأزوادية بأن الحفاظ على حالة الاستقرار غير الموجودة حالياً هي الأولى، وتعبئة الوقت بالحوارات الداخلية بين القوى السياسية والخروج بتفاهمات على الملفات التي تساهم في تحصين الداخل وإبقاء عجلة القضية متحركة، من دون أن تستبعد هذه الأوساط أن يكون حراك الحركات الجهادية في الآونة الأخيرة يصب في هذا الإطار بمعزل عن المواقف التي أطلقوها والتي لم تلق استحساناً عند المجتمع الدولي.