البشير عبد الرزاق: ورطة القنوات التلفزيونية

أحد, 2015-07-05 15:04
البشير عبد الرزاق

ذات مرة وأنا استعد للسفر مررت بالمغسلة لسحب ثيابي فوجدتها مغلقة، اتصلت بصاحب المحل لاستطلع السبب فأخبرني بأنه على خلاف مع إدارة الضرائب بعد أن فرضت عليه مبلغا ماليا مجحفا.
شرحت للرجل بإسهاب كيف أنه علي أن أسافر في اليوم التالي وأنني بحاجة ماسة إلى ثيابي تلك، تأسف كثيرا ووعدني بأن يبذل قصارى جهده لحل ورطتي، لكنني أحسست من كلامه بأن علي أن أتدبر أمري و أجد حلا آخر.
سافرت بدون ثيابي التي بقيت حبيسة أدراج المغسلة لأيام بسبب خلاف لا ناقة لي فيه ولا جمل ولا حتى دجاجة، ولا أخفيكم أنني لعنت يومها ذلك المعتوه الذي جعل الإنسانية تكتشف الضرائب أصلا، واستغربت كيف لم يستطع القائمون على النظام الضريبي أن يجدوا طريقة لحل مشاكلهم مع أصحاب المحلات، دون أن يورطوا المستهلك الذي لا يحتاج أصلا إلى زيادة ورطاته اليومية التي تبدأ من الصباح ولا تنتهي مع حلول المساء.
تذكرت ورطتي تلك وأنا أتابع هذه الأيام تفاصيل "ورطة" جديدة، طرفاها أصحاب القنوات التلفزيونية الخاصة وهيئة البث، فمهما كانت الأسباب لا شيء يبرر الطريقة التي تتعامل بها هذه المؤسسة مع القنوات التلفزيونية الخاصة، وكأن الأمر يتعلق بمحلات لبيع الخردة تأخرت عن دفع ضريبة البلدية، تغلق أبوابها صباحا ثم يسمح لها بفتحها مساء ثم في صباح اليوم التالي يأتي "أجوتي" العجوز مثقلا بأقفاله حاملا معه حججا لا تعد ولا تحصى ويغلق المحل وينصرف بخطى متثاقلة، تشيعه لعنات صاحب المحل المكتومة.
ما هذا السقوط الحر؟... لقد آن لنا في هذا البلد أن نعرف أن هناك بضاعة اسمها "الثقافة" لا تشبه غيرها من البضائع، ولا يمكن معاملتها بنفس المنطق الذي نعامل به الخردة القادمة من أوربا أو أنواع الأجهزة الرديئة المستوردة من آسيا أو البطاطس أوالبصل اوالفجل أوالعدس.
وإلا سنتحول إلى "دولة خردة"...

نقلا عن صفحة الكاتب