أبو العباس إبرهام: مشروعية نقاش الخلافة بموريتانيا

ثلاثاء, 2015-07-21 16:01
الكاتب أبو العباس إبرهام

لا يعدمُ من نبذَ الخلافة متسرِّعين يُخرِجونه من الحِس السّليم ومن الدِّين. وقَدْ ذَهبَ أركون إلى أن نزعة التكفير هي ابستمولوجيا تأسيسية للخطاب الديني المعاصر. وظاهرياً يبدو الخطاب الأصولي كما لو أنّه تشبُّثٌ بالماضي ضِدّ من يتحلّلون من الماضي و"الموروث". ولكن، وكما كرّرْنا دائماً، فليست الأصولية غير الدِّفاع عن تصورات حديثة للماضي. إنّها تُدافع عن الماضي كما هو في ذِهن الإكليروس الحاضر، لا كما قامَ بالفعل.

وفي موريتانيا أنا، الرّافض للخلافة، أكثر "أصولية" و"محافظة" ووفاءً للتاريخ من الأصولية الخلافوية، فالمجال الموريتاني لم يخضع للخلافة في تاريخه، ولم يدخل في المجال العثماني أو العباسي (ولا يُعتدٌّ ببيعة "أمير المسلمين" ولا أساس خراجِي أو أمصاريّ لها). وعادة ما تكون الأصولية والمحافظة دفاعاً عن شرعية التاريخ؛ ولكنني هنا، وأنا أدافِعُ عن شرعية تاريخ الخروج من تقاليد الخلافة، أبدو أكثر تاريخيةً وأصالة من دواعش بيعة البغدادي. إذن أنا لا أقبلُ منهم محاججة بالأصالة. لا تستقيمُ في مقامِهم؛ وليس لهم منها إلاّ التلفيق.

وطبعاً ليست محاججتي أصولية. أنا لاأقولُ أنا ضدّ الخلافة لأنّها لم تقُم. هذه الواقعية لا تعني لي شيئاً. ولكنني أقول إنه لا سيادة تاريخية للخلافة على مجالي؛ وبالتالي فلا أقبل باستنتاجِها من تراثي. وربما ليس للماضي شرعية (وهذه محاججة حداثية وفتوحاتية) ولكن أيضاً ليس لعدم التاريخ، من هذا المنظور، شرعية أيضاً.

نقلا عن صفحة الكاتب