تعامل الطبقة الوسطى بموريتانيا مع النظام

سبت, 2015-08-01 20:04
الكاتب أبو العباس إبرهام

البرجوازية تُنفِقُ على مظهرِها أكثرَ من معيشتِها. إنّها تلك التي تريدُ أن تعيشَ في المظهر، لا في الحقيقة. إن البرجوازية هي عصرُ المرآة. وهنالك انعكاسات لهذا حتى على أسلوب البرجوازية السياسي. فهي تصرخُ كثيراً على قمعِ صوتِها أو افتحامِ خلوتِها أكثرَ مما تبكي على قتل المزارعين وسحلِهم.

ومن المهم ملاحظة أن الطبقة الوسطى الموريتانية بكت على أن نافذاً بالقصر الرئاسي أراد التجسُّسَ عليها أكثرَ مما بكت أن شرطة رئيس، موصوفٍ في أدبيات جزءٍ آخر من هذه النخبة بأنه "الرئيس الإنسان"، قتلت مواطناً بالتعذيب في نفس اليوم!

إن مساهمات كارل ماركس مهمة لأنّها ترينا أن الطبقة الوسطى تخلقُ أفيوناً تسترُ به معاناتَها الحقيقية، ثم تقضي الوقت في التعبير عن آلام تلك الصورة الزائفة.

والحقيقة أنّه لا حقّ للطبقة الوسطى الموريتانية في رفاهية البكاء على حقِّها في الخلوة بينما عصابة الجنرال عزيز تسرِقُ يومياً مداخيلها عن طريق انهيار القيمة التبادلية وزيادة الضرائب (ليس على الاستثمار أو الواردات، بل على أجور القطاع العام، وتأخُّرها للمضاربة بها كما في أجور البلديات والسفارات) وعن طريق الفساد والتكومس وتفحش نسب فوائد وسطاء الصفقات. لا حقّ لها بالبكاء على خصوصيّتِها قبل أن تصرخُ في شأنِ سجن أعضاءَها وتعذيبهم وتركُهم لشرطة الاغتصاب والاعتقال التّعسفي. كان حسن البنّا، وهو براغماتي فقدَه قومه، يقول ما معناه: دافعوا عن الأوقاف إن ليس من أجلِ الحقّ فمن أجلِ مصلحتكم.

___
ملاحظة: في غير هذه النبرة التجييشية لا يؤمن كاتب هذه الأسطر بأن يجب إقامة تراتبية مرحلية بين جوانب النضال المختلفة. ولقد سعى لهذا الخطاب المُدغمج لأسباب سياسية. لقد كتبتُ هذه الملاحظة بشكل استباقي.

نقلا عن صفحة الكاتب