آن الأوان لأن يفهم الجميع لعبة النظام الدكتاتوري التي تتمثل في تمييع المجال العام.
في الواقع ستوجد أحزاب سياسية، ولكنها ليست سوى هياكل لا روح بها، لا تستطيع أن تؤمن إيجار مقرها الاجتماعي، وبهذا يبدو للجميع أن هناك أحزابا، وديمقراطية ولكن من دون أي دور.
وسيقدم طفيليات انتهازية على أنها قادة الرأي ومديرو العملية السياسية من قبيل الكتيبة البرلمانية التي بدلت ولائها في غضون سنتين أربع مرات!!
واليوم يقدم نماذج شبابية تناقضت مع ما كانت تدعو له أيام كانت صادقة وبلا أغراض غذائية بوصفها نموذج الشباب المناضل لييأس الناس من دروب النضال الشريفة ويسلموا بأن من يتحرك في الساحة ما هم إلا انتهازيون كشبابه الذي التحق بدعمه طمعا في لعاعة من الدنيا.
وستوجد نقابات ومنظمات مجتمع مدني، ولكن بالنسبة للنقابات سيفرغ الإضراب من محتواه بالتحايل على مطالبه وتفريق لحمة المنتسبين بالعقوبات والإغراءت كما وقع في كل الاضرابات الأخيرة من أساتذة إلى عمال الشركات المنجمية حتى الحمالة.
أما منظمات المجتمع المدني، فستضايق المنظمات الجادة وتحرم من كل الوسائل، ويمكن للمرتزقة من أصحاب المنظمات.
أما الإعلام فسوف لن يسمح النظام بترخيص وسائل إعلام مرئية ومسموعة إلا للجهات التي يقدر أنها لن تواجهه، وسوف يتحكم بالقنوات من خلال التضييق على مصادر التمويلات، وسلطة الرقابة التي لا تراقب إلا ما كان موجها للنظام كما حدث في واقعة توقيف صحراء توك، وبالنسبة للمواقع فقد شجع فطريات متسلقة على افتتاحها لتعج بالأخبار الكاذبة والمضللة والمستوى الرديئ حتى صار هناك عزوف عنها.
بعد كل هذا لا ننسى أن النظام العسكري القبلي المالي يسيطر على الاقتصاد ويحتكر القوة ويتعامل بواسطة البنى التقليدية، فأي ديمقراطية يبشر بها وقد ميعت فيها السياسة والأحزاب السياسية والنقابات العمالية ومنظمات المجتمع المدني وميع الإعلام؟!!
نقلا عن صفحة الكاتب