رأي: الطريق الآخر للخروج من الأزمة بموريتانيا

سبت, 2015-10-10 04:16
الكاتب البشير ولد عبد الرزاق

من الواضح أنه بات علينا البحث عن طريق آخر للوفاق الوطني غير هذا "الحوار "، الذي كلما قلنا إنه تقدم خطوة إذا به يتقاعس خطوتين، ما يطرح العديد من نقاط الاستفهام حول الجدوى من وراء التشبث به، ومواصلة الدوران في هذه الحلقات المفرغة.

فعلاوة على غياب ثقافة الحوار وانهيار الثقة بين الأطراف وفقدان الوسيط المطلوب وغيرها من المعوقات الصارخة، فإن عملية الحوار في حد ذاتها ستكون بحاجة إلى الكثير من الوقت لاستكمال كافة القضايا والملفات المتشعبة، التي سيتم بسطها على طاولة النقاش.

والواقع أن هذا الوقت بدأ ينفد منا، في ظل إكراهات دستورية باتت تفرض نفسها على الجميع، تتقدمها حالة مجلس الشيوخ التي لم تعد تحتمل التأجيل، والانتخابات الرئاسية 2019 التي وإن بدت بعيدة، إلا أنها بالحساب السياسي البسيط، باتت على الأبواب.

هذه الوضعية الحرجة تقتضي التعامل مع الأمر بكثير من البراغماتية والواقعية السياسية، والتفكير في مقاربة جديدة تمكن من إعادة ترتيب الأوراق المبعثرة والبحث عن الحلول الممكنة، حسب أولويات المرحلة ووفق الآجال الدستورية المتاحة.

وهذه المقاربة يجب أن تنطلق من تأجيل الحوار باعتباره غير ممكن في الظرف الحالي دون أن يعني ذلك التخلي عنه، وفي المقابل العمل على إطلاق مفاوضات سياسية موسعة بين مختلف أطراف المشهد الوطني، ترمي إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسة:

الهدف الأول ويتعلق بالمدى القريب، ويتمثل في تنظيم انتخابات تشريعية وبلدية توافقية، تتمخض عنها جمعية وطنية ومجلس شيوخ ومجالس بلدية يرضى عنها الجميع، وبذلك تتم إعادة عقارب الساعة الديمقراطية إلى مكانها الطبيعي.

الهدف الثاني ويتعلق بالمدى المتوسط، ويتلخص في العمل على التحضير لانتخابات يوليو 2019 بشكل توافقي، يمكن من تنظيم رئاسيات يرضى عنها الجميع، وتفضي بشكل هادئ وسلس إلى تحقيق أول تداول سلمي على السلطة في البلد.

وأما الهدف الثالث والأخير فيتعلق بالمدى البعيد، ويرمي إلى إطلاق حوار وطني موسع وشامل فور الانتهاء من الانتخابات الرئاسية، يتناول كافة القضايا والملفات الوطنية وينتهي بعملية إعادة التأسيس المطلوبة.

هذه المقاربة تبدو الأكثر واقعية وعقلانية في الوقت الحالي، خاصة وأن ظروف إجراء حوار وطني شامل ما زالت عصية المنال، كما أن أهم شروط انتظام مثل هذا الحوار هي في الواقع إعادة ضبط الوضع السياسي الوطني، باعتباره "المضغة" التي إن صلحت صلح البلد كله...