رأي حول أسفار الرئيس / البشير عبد الرزاق

ثلاثاء, 2015-10-13 12:39
الكاتب البشير ولد عبد الرزاق

الذين يحسبون على الرئيس عدد أسفاره إلى الخارج يرتكبون خطأ جسيما ويهدرون وقتهم في ما لا طائل من ورائه، فلا توجد دولة سوية على وجه المعمورة يمكن أن تحسب على رئيسها أو مسؤوليها عدد رحلات العمل التي يقومون بها إلى خارج البلاد، لأن ذلك يدخل في إطار إشعاع الدولة وحضورها على المستويين الإقليمي والدولي وبناء قوتها الناعمة.

وأما القول بأن المسؤول الفلاني يكلف الدولة يوميا خلال رحلاته الرسمية 300 أو700 أو 1000 أورو فتلك طريقة رديئة في المحاسبة، إذ أننا لا نتحدث عن محل بقالة أو دكان لبيع الخردة أو شركة أو مؤسسة تجارية، بل الأمر يتعلق هنا بدولة لها اكراهاتها والتزاماتها الإقليمية والدولية، وهي التي تملي على رئيسها و مسؤوليها عدد أسفارهم الرسمية السنوية.

والواقع أن البحث في جذور هذه الظاهرة، يقودنا إلى الأيام الأولى لانقلاب السادس من أغسطس 2008، ففي خضم حملة الدعاية المغرضة آنذاك ضد النظام المنصرف، كما هو الحال بعد كل انقلاب، كان من ضمن المآخذ التي تقدم بها أنصار النظام الحالي على الرئيس السابق سيدي ولد الشيخ عبد الله، كثرة أسفار الرجل إلى خارج البلاد، وهي دعاية رخيصة تنم عن جهل أصحابها التام بإدارة الدول وتسيير الشأن العام.

ولذلك فإن الذين يأخذون على عاتقهم اليوم مهمة حساب عدة أسفار الرئيس وعدد أيامها والساعات التي يمضيها في الجو والليالي التي يقضيها في الفنادق والوجبات التي يتناولها وما تكلفه تلك الرحلات ب "السنتيم"، إنما يمارسون رياضة رد الصاع صاعين ويرمون من وراء ذلك إلى جعل النظام الحالي يتجرع ذات الكأس، التي سبق وأن سقى منها سلفه.

وتلك كارثة أخرى، لأنها تعكس درجة الهبوط الحاد الذي وصل إليه تفكيرنا وتعاطينا مع الشأن الوطني، وكيف أصبح من الجائز استخدام كل شيء في الدعاية والدعاية المضادة؟؟؟

رجاء دعونا من أسفار الرئيس...فأجندتنا الوطنية مثقلة بالقضايا والملفات، التي تستحق من الجميع توفير الجهد والوقت.