الدستور هو القانون الأعلى و الأساسي في الدولة و هو الذي يضع الإطار السياسي و الإجتماعي و الإقتصادي لكن إعتباره قانونا أسمى لا يجب أن يجعله سببا في إنسداد الأفق و لا أن يحول دون إستعادة الرشد السياسي و السلم الأهلي
فكل دساتير العالم تنص مُقتضياتها علي الجهة المُخولة لتعديل بعض مواده و هو ما يعرف عند فقهاء القانون الدستوري بالسلطة التشريعية الفرعية
إنما شهدته بلادنا و تشهده في الآونة الأخيرة من تجاذباتٍ و تحديد لمحظوراتٍ و شرعنة لجمود النصوص و إعتبار الإصلاح القانوني جريمة سياسية و أخلاقية و إعتبار الداعين الي ذلك طابورا خامسا كُلها أمور لا تُساعد البلد علي الخروج من عُـنق الزجاجة الذي وضعتها فيه نُخبه السياسية بشخصنتها للمجال العُـمومي مما جعل البلد رهيناً بأهواء مجموعات مُعينة داخل السلطة و المعارضة كل يشد الحبل من جانبه دون مُراعاة لهموم المواطن المُتلهف لإنطلاق كل المكونات في عمليات الإصلاح و البناء.
بكل صراحة الشعب الموريتاني ليس مُـلزما بمضمون قَـسَـم رئيس الجمهورية الوارد في المادة 29 فهذا القسم يُلزم رئيس الدولة في شخصه و لا يُخوله و لا غيره و هم يتناولون المواد 26/28/29 من حِـرمان الشعب من حقوقه الواردة في المادة الثانية من الدستور التي تجعله مصدرا لكل السلطات و تجعله المالك المنفرد للسيادة الوطنية التي يُمارسها في بعض الحالات عن طريق الإستفتاء و تحُـول بين رئيس الدولة و مُعارضيه -علي حد سواء - من الإستئثار بهذه الممارسة
إن مواصلة نهج رفض المشاركة في الحوار الوطني من أي جهة كانت هو تعبير عن إرادة الهروب الي الخلف و تملص من المسؤوليات السياسية و الأخلاقية التي تحمَّـلتْـها كل هذه القيادات مُخيرة في وقت يمر فيه البلد من مفترق طرق و يحتاج فيه الي كل سواعد أبنائه من المخلصين .
إن غياب أي ضمانات من مؤسسة رئاسة الدولة و من الجهات الداعية للحوار تُعطى للمحاورين و تضمن لهم آلية متفق عليها للمصادقة علي القراراتِ و تعتمد علي التوافُق في ذلك لا علي مبدء الأغلبية
إضافة الي التزامها بعدم تمرير قرارات محل حوار من جهة واحدة في حال عدم التوافق عليها فغياب كل هذا لا يشجع رافضي هذا الحوار الي التقدم خطوة نحو الأمام و يُعطيهم سببا آخر لمواصلة نهج العُزلة و الرفض
موريتانيا لا يجب أن تنتظر المعارضة التقليدية الي الأبد حتي تقتنع بضرورة مشاركة الشعب و الدولة في حوار يحدد مصالح بلدهم و يغير من وضعهم الصامت
السلطة القائمة لا يجب أن تتوقع أن تعود من الحوار بكل ما تريد أو أن تظل ممتنعة عن تقديم ثمن سياسي مقابل خروجها بتمرير بعض نقاطِ برنامجها السياسي
بين هذا و ذاك لن يقبل الشعب أن يظل رهين تجاذبات يدفع ثمنها لوحده و سيضطرُّ في لحظة من لحظات اليأس الي قلب الطاولة علي الجميع
...... عـــاشتْ مُـــــوريتــــانيا .......