انتخابات الرئاسة.. هكذا ينظر الجزائريون لبرامج المرشحين

خمسة مرشحين يتنافسون على كرسي الحكم (الجزيرة)

رغم مرور أسبوع على انطلاق الحملة الانتخابية في الجزائر، لا يزال سباق الرئاسيات باهتا بسبب الرفض الشعبي الواسع ولمحدودية البرامج المعروضة على الناخبين، بحسب مراقبين.

وطرح المتنافسون الخمسة خلال الأيام الماضية أفكارهم في مختلف المجالات، حيث شدد عبد القادر بن قرينة على أنّ تعديل الدستور وتقليص صلاحيات الرئيس ودعم المعارضة من الأولويات السياسية، كما ركز على بناء نظام اقتصادي حر، مع رفع الأجر القاعدي وخفض الضريبة على الدخل الإجمالي.

واقترح علي بن فليس تحولا ديمقراطيّا يقوم على سبع ورشات كبرى، ضمن "عهدة الاستعجال الوطني" للتكفل بمطالب الثورة السلمية، وتوفير حل وسطي يزاوج بين خياري الرئاسيات والمجلس التأسيسي.

واعتبر عبد العزيز بلعيد أن مراجعة كل القوانين المرتبطة بالإصلاحات -إلى جانب فتح حوار جامع للأطياف السياسية في البلاد- أولوية قصوى.

وتضمن برنامجه اقتراحات لمحاربة البطالة، والنظر في أجور العمال، مع استحداث هيئة خاصة بالجالية الوطنية

أزمة السكن
وعد عبد المجيد تبون بحل أزمة السكن، وإلغاء الضرائب على الدخل الأقل من ثلاثين ألف دينار شهريا (250 دولارا) إضافة إلى حوافز ضريبية لتثمين الإنتاج الوطني. وتعهد بالفصل بين المال والسياسة في الحياة العامة.

وتضمن برنامج عز الدين ميهوبي 15 التزاما "إستراتيجيا" حيث أكد على إصلاحات "هيكلية" للاقتصاد وإلغاء الدعم الاجتماعي المعمم.

والتزم بتدعيم الحريات التي لا تؤثر على العادات والتقاليد، مع استقلالية السلطتين القضائية والتشريعية.

وعود شعبويّة
ولمعرفة تفاعل الجزائريين مع تلك التعهدات، رصدت الجزيرة نت عينة من آراء مواطنين. وقال (فؤاد. ع، موظف) إن برامج المترشحين لم تخرج عن الكلام العام والخطب الشعبويّة، فهي تركز على الجانب الاجتماعي دون وضع آليات لتجسيد الوعود، إضافة إلى غياب نموذج اقتصادي واقعي.

من جهتها تساءلت (وجيدة. ش، أعمال حرة) "هل ما يعدون به أفكار واقعية أم مجرد خطاب وكلام؟" مضيفة "لست مقتنعة كثيرا بما يقدمونه، هي مجرد توابل للطبخة حتى تنضج جيدا".

من جانبها، قالت الصحفية "نسرين. ل" إنه من الصعب تحقيق وعود المترشحين "نظرا لتعقّد الأوضاع الاقتصادية وتشابك الأزمة لأن تجسيدها خاضع لأسعار النفط وللتوافق الوطني".

غير أنّ (عبد المجيد. ع، مدير مدرسة) بدا أقل تشاؤما، بتأكيده أن هناك برامج واقعية تمس مختلف الشرائح، مقابل أخرى أيديولوجية أو فضفاضة دون آفاق ولا تدابير واضحة.

الإحماء والاعتدال
ولم تبتعد كثيرا قراءات المختصين لبرامج المترشحين بمختلف أبعادها، ومقارباتهم للمرحلة المقبلة، حيث يعتقد أستاذ العلوم السياسية بوحنية قوي بعدم وجود تباين كبير بينهم.

وقال للجزيرة نت "الصورة لم تتضح بعدُ، بما يسمح بوضع حدود جوهرية بين أفكارهم" معتبرا أنّ البداية باهتة في ظل رفض شريحة كبيرة من الحراك للانتخابات، باعتبارها امتدادا لمشهد سياسي سابق، وهذا ما يجعل المتسابقين في حاجة إلى مغازلة الناخبين بإحداث القطيعة مع الماضي.

وأضاف أنّ الخطاب لا يزال في مرحلة الإحماء، ولم يصل إلى مرحلة الصدمة وكشف الأوراق الرابحة، من خلال عرض عناصر دقيقة لإمكانات الإقلاع.

وشاطره الرأي المختص بالإعلام إدريس بولكعيبات، بالقول إنّ خطاب المرشحين تحلى بالاعتدال، حيث "لم يقدموا لحد الآن الوعود التي تعودنا سماعها في مثل هذه المناسبات".

وأرجع الأمر إلى البراغماتية التي أصبحت قاعدة للعمل في مخاطبة الناخبين الجزائريين، والذين أظهروا نضجا خلال الحراك الشعبي، وباتوا ينفرون من أشكال الخطاب العاطفي وتسويق الوهم.  

وأبرز أنّ البعض يتطلع نحو المستقبل وبناء جزائر جديدة، من خلال التعهد بمحاربة فساد رجال الأعمال واسترجاع الأموال المنهوبة، وكذا تنمية الجنوب.

في حين يركز البعض الآخر على الانتخابات كمخرج للأزمة السياسية، بتسليط سهام النقد على حكم بوتفليقة ومؤسسات الدولة والتشريعات التي يرى ضرورة تغييرها.

التشابه والاختلاف
من جهة أخرى، أكد الخبير الاقتصادي كمال رزيق أن البرامج المعروضة، وعلى محدوديتها من حيث الفعالية والتصور، فإنّ الجانب الاقتصادي حاز على 70% من حجمها.

وأوضح أنها اتفقت على توصيف الوضع السابق وتحسين المستوى المعيشي وإعادة توزيع التحويلات الاجتماعية إلى نمط مباشر، زيادة على الخروج من الريع البترولي إلى الاقتصاد المنتج، وكذلك محاربة الفساد المالي. 

ولكنها اختلفت في القطاعات ذات الأولوية -والكلام مازال للخبير الاقتصادي- ونوع النموذج الاقتصادي، وأيضا في الأسلوب وطريقة الإقلاع التنموي.

كما شدد رزيق على أنّ تلك البرنامج جاءت كوعود فقط دون سياسة واضحة المعالم، فقد غلب عليها الطابع الإنشائي، وغاب عنها الاستشراف والأرقام والآجال الزمنية نتيجة فقدان المعلومة الاقتصادية الصحيحة

الهوية
وفي سياق آخر، برز اللجوء إلى الرمزيات الثقافية والتاريخية والدينية المشتركة لقدرتها على التأثير الشعبي، مثل أماكن العبادة والزوايا، رغم أن الدستور يمنع اعتماد الأحزاب على أساس الهوية، وكذلك "وثيقة الأخلاق" التي أمضاها المترشحون، مثلما قال الباحث بالفلسفة بومدين بوزيد.

وأفاد في تصريح للجزيرة نت أنّ البرامج تفادت غالبًا الحديث عن الهوية، معتبرا ذلك مقصودا لما يمكن أن تحدثه من نزاعات تؤثر على شعبية المترشح، حيث تركوا تلك المسائل الخلافية بين الجزائريين.

وأضاف أنّ عموم المتسابقين قدّموا الانتماء التاريخي ضمن الارتباط بثورة "نوفمبر التحريرية" وباللغتين العربية والأمازيغية وبالإسلام، دون الدخول في التفاصيل المذهبية والعقدية.

وأشار إلى أنّ استخدام لفظ "الباديسيّة" كان للتدليل على الانتماء العروبي الديني التحرري التجديدي، مجاراة لانتشارها عند أطياف كبيرة من الحراك الشعبي.

المصدر : الجزيرة

جمعة, 22/11/2019 - 11:01