أتاي... في مجلس الكِبار

Mohamed Vall Bellal

كان لمرابط محمد فال ولد بلاّل الملقب فالِ (1893_1934) يبدأ يومه في السدس الأخير من الليل يما تيسّر من عبادات تتداخل فيها التلاوة والصلاة والدعاء حتى الفجر. وبعد الفريضة مباشرة يلتحقُ بخيام المحظرة ويبدأ العمل فيها بين عشرات التلاميذ والطلبة؛ هذا يكتبُ، وهذا يغسل، وهذا يحفظ، وهذا يُجَوّد، وهذا يقدم سطور من قفّات اخليل، وهذا في الرسالة، وهذا في الألفيّة، وذاكـ في متن الآجرّوميّة، إلخ... ويبقى لمرابط فالِ في المحظرة بين الألواح والطلبة يملي لهذا ويجيب على أسئلة هذا وذاكـ حتى يصلّي الضحى. ثمّ يعود إلى الخيمة ويبدأ مجلسه مع الأحبة والأصدقاء والزوار.
وكان قومه من عصر "العگبان" هم أكثر الناس حضورا إلى مجلسه وأقربهم إليه. قالت لي الجدّة بأنّه كان يرتاحُ وينبَسط ويُسرُّ ويسعدُ كلما رآهم. و يَبْتَهجُ بشكل خاص، ويهلل لرؤية صديقه وخليله الحسن ولد عيسى رحمه الله. وأصافت بأنّ لمرابط كان يحبّ الحسن ويشتاق إليه ويتفاءل به خيرا. وحدّثني والدي بأنّ الحسن حضر ذات يوم إلى المجلس متوترا، وسلّم على لمرابط فالِ سلاما خفيفا على غير عادته؛ وقال: اليوم، جئتكـ بسؤال لأمْتَحِنَكـ في فقه الصلاة هنا في مجلسكـ وأمام طلابكـ وعيّالكـ...
قال : سؤالي في الفقه: "من هو الإمام الذي إذا لزمه الغسلُ من الجنابة لزم المأمومين"؟ ما جوابُك؟ ابتسم فالِ و بَشَّ، وقال لهُ : تفضّل، تفضّل يا صاحبي ،،، إني أراكـ اليوم متعباً. ثمّ أمرَ بغلي "المقرج" وتقديم الشاي بسرعة. وكلما شرب الحسن كأسا، قال: هاحْ، وسأل: أين جوابكـ؟ ولكنّ فالِ ظل يبتسمُ، والمجلس يزداد بالزوار والوافدين من الخيام المجاروة. وبعد الكأس الثالثة وانتهاء الشاي، قال لمرابط فالِ:
ائتوني ب"لمّاعين" وب"المقرج" والماء،،، والتفت إلى الحسن، وقال له: إنّي لم أجِد لسؤالكـ من جواب غير ما رأيتَ : لقد "أقمنا" صلاة الشاي، و"أدّيناها" بثلاث ركعات وها نحن الآن نغسل "الإمام" (أبرّاد) ونرفعُ عنه الجنابة وخلفَه "المأمومين" (الكيسان) ! لا أرى "إماما" غير "أبرّاد" و لا "مأمومين" غير "الكيسان" ينطبق عليهم ما سألت عنه في فقه الصلاة ! أظنّكـ كنتَ "مدوّخا". ضحكـ الحسن، رحمه الله؛ وقال: خيَّك! والله ألّ
جَبَتْها!
رحم الله موتانا وموتاكم و موتى المسلمين،
وصلى الله وسلم على اشرف الأنبياء والمرسلين

جمعة, 22/11/2019 - 19:39