الدعم المؤسس!!

الديماني ولد محمد يحي

الظاهر أن الطبقة السياسية في البلاد لم تستوعب بما فيه الكفاية الدروس التي قدمت من طرف رائدي الإصلاح في البلاد، صاحب الفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني وسيادة الرئيس المؤسس السيد محمد ولد عبد العزيز، ولا يبدو في الأفق استيعاب تلك الدروس من طرف هذه النخب، للأسف!

إن المتتبع للخطوات التي قام بها هذا الثنائي والتصريحات التي أطلقها كل منهما، لا يجد كبير عناء في فهم السياق العام المنشود من طرف رفيقي درب الإصلاح، وعلى رأسه ترسيخ المؤسسية عموما والمؤسسية الحزبية على وجه الخصوص، بوصف المؤسسية عاملا لا غنى عنه في تنمية البلاد وترقية الديمقراطية فيها.

وهكذا قام الرئيس السابق، خلال عشرية حكمه، بترصد كل الثغرات التي أدت أو قد تؤدي إلى ضعف المؤسسات الحزبية والقيام بما يلزم لسدها.

ولعلكم تذكرون الإصلاحات الجوهرية التي استحدثت في قانون الأحزاب والتي تضمنت نقاطا غاية في الأهمية لتنمية الأحزاب وتقويتها، من ذلك تحريم الترحال السياسي، الذي كان السبب الرئيس في ضعف الأحزاب وتآكلها.

كما أن العمل على وضع معايير لاستمرار الأحزاب سيحد من عدد الأحزاب، على المدى المتوسط والبعيد ويؤدي بالضرورة إلى تشكل أقطاب حزبية محدودة ولكنها قوية.

هذه الإصلاحات كانت مطلبا قديما للأحزاب السياسية المعارضة، وكانت تتمنى لوأمكن استفادتها منها وحدها، وهو ما لم يتم؛ بل على العكس من ذلك، كان حزبنا حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، أكثر استفادة منها ومواكبة لها؛ حيث عمل على تحيين نصوصه لمواكبة هذه الإصلاحات وأدخل تغييرات جوهرية في هياكله ونظمه الداخلية.

لذلك ليس من المنطقي المطالبة بحل حزب من بين الأحزاب القليلة التي واكبت الإصلاح واستفادت منه.

هذا من ناحية الإصلاح المؤسسي. 

أما التصريحات المتبادلة التي تؤكد العلاقة الوطيدة بين رفيقي الدرب فقد كانت صريحة وجلية.

ففضلا عن التصريحات الصريحة أثناء حفل التنصيب؛ فقد أكد فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني في خطاب الترشح على تعهدين أساسيين، ولا شك أن الرئيس السابق السيد محمد ولد عبد العزيز وحزبه حزب الاتحاد أولى بهما:

الأول هو التزامه التام بالانفتاح على "جميع" الطيف السياسي والتعاون معه،

الثاني هو تقديره للذين سبقوه من الرؤساء وثمين ما قاموا به من أعمال لصالح البلد

فهل يمكن أن ينفتح فخامة الرئيس على" جميع" الطيف السياسي دون الانفتاح على أول طيف تبنى دعمه وأجاز برنامج حكومته؟

وكيف يمكن فخامته تقدير من سبقوه من الرؤساء وتثمين جهودهم دون أن يكون في مقدمتهم رفيق دربه وشريكه في الحكم؟

وفي المقابل هل يمكن أن ننسى ما بذل الرئيس السابق السيد محمد ولد عبد العزيز من جهود في سبيل فوز رفيق دربه في الجولة الأولى؟

لقد ظلت مواقف الرئيس المؤسس وتصريحاته شاهدة على تمسكه بنهج فخامة الرئيس والمواصلة في دعمه، ولعل آخر ذلك ما نسبت إليه وسائل الإعلام من تصريحات الليلة البارحة.

ومن هنا فإنني ـ على العكس مما يتصور البعض ـ أعتبر تمسك رئيس الجمهورية السابق بحقه في ممارسة السياسة وسعيه إلى تقوية الحزب مجرد حلقة من ضمن حلقات الدعم المؤسس الذي التزم به لفخامة الرئيس.

ختاما ينبغي أن يفهم الجميع كما ذكرت في عدة تدوينات سابقة أن زمن الانتجاع السياسي ولى إلى غير رجعة وأن نهج" الدراعة" الحزبية التي تلبس لمجيء كل حاكم وتفسخ لرحيله لم يعد ملائما.

حفظ الله بلادنا من كل مكروه وزادها رفعة وأمنا ونماء.

خميس, 28/11/2019 - 19:28