موسم الانتخابات.. حوار مع حكيم "أدباي"

يربان الحسين الخراشي

إنها الساعة الخامسة مساءا، يجتمع رجال أدباي " أم س" في ظل البيت الطيني الأطول على حصير من "لعصب" مرقع من كل جهة، يتبادلون أطراف الحديث، وهم يرتشفون كؤوس الشاي، وذلك بعد يوم شاق من العمل في حقولهم الزراعية التقليدية أوخلف مواشيهم يرعونها ويحرسونها من ذئاب الفلات، في الوقت الذي فيه  هم دون حراسة من الذئاب البشرية، التي باتت قاب قوسين أو أدنى منهم ، وكيف لا، وهذا موسم الانتخابات.

  يقول السيد "م ل" سمعت أن "م م س أ ف" والوفد المرافق له قد وصلوا إلى أدباي أهل" م س"، وقد يصلون إلينا مساء غد.

السيد "م أ" صاحب البيت مستغربا : حقا؟  السيد" م م س أ ف" لايزال يمارس السياسة أعرفه منذ زمن بعيد كان مسؤولا كبيرا في هياكل ولد هيدال!

السيد "م ب"  مخاطبا "م أ":  لقد تمكن الخرف منك ياصديقي، السيد "م م س أ ف" أليس هو الذي زارنا مع الرئيس معاوي في زيارته الأخيرة؟  يدخل الرجلان في سجال،  فيتدخل حكيم أدباي.

حكيم أدباي مخاطبا الجماعة :  كلكم على حق، " م م س أ ف" هو ابن شيخ قبيلة "الفلانيين"، وهو كان  شعبي حزب الشعب، وهيكل الهياكل، و فيدرالي الحزب الجمهوري الديمقراطي الاجتماعي، وكان وزيرا للتعليم، و للخارجية، وللعدل، ورئيس محكمة الحسابات، ومديرا للمستشفى الكبير، ومديرا لميناء الصداقة. لكن مؤخرا سمعت أنه أصبح مع حزب "و م".

صاحب البيت متسائلا:   حزب"و م" يعني من المعارضة؟  حكيم أدباي : لا. ليس من المعارضة.
الجماعة بصوت رجل واحد:  غريب !! . هل هناك توجه ثالث غير النظام، والمعارضة ؟

حكيم أدباي : نعم. هناك المعارضة المحاورة، والمعارضة المقاطعة، والمعارضة  المناطحة، و ما أكل الدهر، والموالات العلنية، والموالات السرية، و جناحي "ر.و س"  و " ر.و ح" في الحزب الحاكم .... و أجنحة أخرى، وتكتلات سرية، وعلنية لا يعلم عددها إلى الله.
الجماعة : ما أغرب هذا الزمان!!  أليسوا نفس الأشخاص ؟؟

حكميم أدباي: السياسي الموريتاني مثل: طائر الفنيق الذي يخرج كل مرة من رماده محلقا، وكذلك السياسي الموريتاني يخرج كل مرة بعد موت حزبه السياسي محلقا في سرب جديد من الطيور الجارحة، و يأكل
كل ما وقت عليه عينه ، من الإسعاف، والتعيينات، والسفرات الخارجية، والمشاريع المحلية، ويرمي بفضلاته بعيدا على رؤوس الجبال حتى لا يستفيد أحد من بعده، وأضاف حكيم أدباي لكن هناك فرق بينهما، فطائر الفنيق  يعتبر رمزا للتحدي، والتجدد، والاندفاع ، والرفعة، بينما السياسي الموريتاني رمزا  لمصالحه الاقتصادية الشخصية، ونزواته الجنسية إلا من رحم ربي . وعليه فإن، العمر السياسي للسياسي الموريتاني أطول من عمر الحزب الذي نشأ، وترعرع، وتعلم السياسية في أحضانه ، وهذه  ظاهرة موريتانية خالصة، بل إن العمر السياسي للسياسي الموريتاني قد  يستمر حتى بعد موته يستفيد منه أبنائه وإن كانوا ظالمين،وأحفاده وحتى قبيلته.

الجماعة: و ما ذا عن العمر السياسي  للناخب الموريتاني؟ يا حكيمنا!! .  

حكيم أدباي : العمر السياسي للناخب الموريتاني مثل زهرة الكرز (ساكورا) زهرة يابانية الموطن، عمرها قصير جدا،وثمين جدا، فهي تموت بعد أسبوعين تقريباً كحد أقصى، وكذلك العمر السياسي للناخب الموريتاني يزهر في موسم الحملة الانتخابية فقط.

وبينما الجماعة تفكر في حكم الحكيم، رفع أذان صلاة المغرب، و بدت أضواء السيارات الكاشفة تفسد منظر اللوحة التي وصف القرآن الكريم وقت رجوع المواشي عشيا من المرعى ( وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ) ، وما هي إلا دقائق حتى دخلت السيارات أدباي " أم س" ، وأخافت الغنم، التي بدأت تقفز من الحظيرة، و تركض يمنة ويسرة ليتبعها رجال الحي فاتحين المجال لدخول الذئاب البشرية.

السيد" م م س أ ف" مخاطبا حكيم أدباي: لقد غزا الشيب رأسك ياحكميم !! .  حكيم أدباي :  هذا أمر طبيعي  فأنا لم أرك منذ اثنى عشر سنة، منذ حملة الانتخابات البرلمانية الماضية. فهم  السيد" م م س أ ف" رسالة الحكيم وابتلعها.

السيد "م أ" صاحب البيت : الحمد الله الذي ساقهم إلينا، فمنذ شهر وأم (أم س) تفكر بالذهاب إلى المستشفى في المدينة، فهي حامل، و مصابة بفقر الدم الشديد، و كما تعلم لايوجد طبيب في أدباي رغم أن السيد " م م س أ ف" وعدنا بذلك منذ كان فيدراليا للحزب الجمهوري الديمقراطي الاجتماعي.
حكيم أدباي : هذا قدرنا، فنحن هم الزهور التي تتفتح، وتعطي بسخاء رحيقها خلال أسبوعين لتذبل وتموت، بينما يقطف السياسي ثمارها، و يعيش على رحيقها ردحا من الزمن، خاصة رحيق زهور" آدواب"  ذات الأوراق البيضاء الناصة.

أربعاء, 27/06/2018 - 14:38